للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَصْدٌ، وَمَحَلٌّ، وَلَفْظٌ.

وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ،

ــ

[منح الجليل]

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالرُّكْنِ مَا تَتَوَقَّفُ الْمَاهِيَّةُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا تَوَسُّعًا ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً، وَقَوْلُهُ تَكْرَارُهَا مَرَّتَيْنِ أَيْ بَعْدَ وَاحِدَةٍ إذْ التَّكْرَارُ يَسْتَلْزِمُ سَابِقًا، وَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا لَاقْتَضَى أَنَّهَا تَحِلُّ بَعْدَ ثَلَاثٍ بِدُونِ مُحَلِّلٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَمَرَّةً لِلرِّقِّ وَالْمُفْرَدُ الْمُضَافُ لِمَعْرِفَةٍ مِنْ صِيَغِ الْعَامِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَأَرْكَانُهُ فَلِذَا عَطَفَ عَلَى أَهْلٍ قَوْلَهُ (وَقَصْدٌ) أَيْ إرَادَةُ النُّطْقِ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ أَوْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ وَإِرَادَةَ حَلِّهَا بِالْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ وَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ سَبْقُ اللِّسَانِ بِلَا قَصْدٍ لِلنُّطْقِ وَفِي الْأَخِيرِ عَدَمُ قَصْدِ الْحِلِّ وَإِنْ قَصَدَ النُّطْقَ بِهِ.

(وَمَحَلٌّ) أَيْ عِصْمَةٌ مَمْلُوكَةٌ لِلزَّوْجِ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ مَا مَلَكَ إلَخْ (وَلَفْظٌ) دَالٌّ عَلَى فَكِّ الْعِصْمَةِ وَضْعًا كَطَالِقٍ أَوْ عُرْفًا كَبَرِيَّةٍ أَوْ قَصْدًا كَالنَّفْسِيِّ فَلَا طَلَاقَ بِفِعْلٍ إلَّا لِعُرْفٍ أَوْ قَرِينَةٍ، وَلَا بِمُجَرَّدِ نِيَّةٍ وَكَلَامٍ نَفْسِيٍّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَيَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ الْإِشَارَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالْكَلَامُ النَّفْسِيُّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ وَالْفِعْلُ مَعَ الْعُرْفِ أَوْ الْقَرِينَةِ.

(وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ لِكَافِرَةٍ إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمَا إلَيْنَا فَيَجْرِيَ فِيهِ قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ، وَفِي لُزُومِ الثَّلَاثِ لِذِمِّيٍّ طَلَّقَهَا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا إلَخْ وَلَا لِمُسْلِمَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الْكَافِرُ بَعْدَ إسْلَامِهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا. فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا أَسْلَمَتْ النَّصْرَانِيَّةُ وَزَوْجُهَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ فِيهَا فَلَا يُعَدُّ طَلَاقُهُ طَلَاقًا، وَيَكُونُ عَلَى نِكَاحِهِ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَنَكَحَهَا بَعْدَهَا جَازَ وَبَطَلَ طَلَاقُهُ فِي شِرْكِهِ. اللَّخْمِيُّ أَرَادَ إنْ تَرَكَتْ حَقَّهَا فِي الطَّلَاقِ فَإِنْ قَامَتْ بِهِ يَمْنَعُ مِنْ رَجْعَتِهَا لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَحَقًّا لَهَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (الْمُكَلَّفُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ أَيْ الْمُلْزَمُ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ لِبُلُوغِهِ وَعَقْلِهِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَلَوْ غَيْرَ مُطْبِقٍ طَلَاقٌ حَالَ جُنُونِهِ، وَلَا مِنْ صَبِيٍّ وَلَوْ مُرَاهِقًا، وَوُقُوعُهُ عَلَيْهِ إنْ ارْتَدَّ بِحُكْمِ الشَّارِعِ لَا أَنَّهُ هُوَ الْمُوقِعُ لَهُ، وَهَذَا إنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ. وَأَمَّا الْوَكِيلُ وَالْفُضُولِيُّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إسْلَامٌ وَلَا ذُكُورَةٌ وَلَا تَكْلِيفٌ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا التَّمْيِيزُ لِأَنَّ الْمُوقِعَ حَقِيقَةً الزَّوْجُ الْمُوَكِّلُ وَالْمُجِيزُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>