قَوْلَانِ: كَإِجَازَتِهِ كَالطَّلَاقِ طَائِعًا وَالْأَحْسَنُ الْمُضِيُّ
وَمَحَلُّهُ مَا مُلِكَ قِبَلَهُ
ــ
[منح الجليل]
بِثُلُثِ مَالِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ مُخْتَارِ وَقْتِهَا، أَوْ لَا يَشْرَبُ مُسْكِرًا، أَوْ لَا يَسْرِقُ أَوْ لَا يَزْنِي، أَوْ لَا يَغُشُّ الْمُسْلِمِينَ فَحَلَفَ خَائِفًا فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ حَبِيبٍ، أَوْ لَا تَلْزَمُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ؟ (قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا حَلَفَ عَلَى مُسْتَقْبِلٍ كَمَا مَثَّلْنَا، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى مَاضٍ مُكْرَهًا لَمْ تَلْزَمْهُ اتِّفَاقًا كَإِكْرَاهِهِ عَلَى الْحَلِفِ بِأَنَّهُ صَلَّى أَوْ زَكَّى، أَوْ صَامَ رَمَضَانَ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْتَقْبِلَ يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ، بِخِلَافِ الْمَاضِي فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْبِرُّ فِيهِ. وَمَفْهُومُ طَاعَةٍ إنْ أُكْرِهَ عَلَى يَمِينِ مَعْصِيَةٍ كَشُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ زِنًا أَوْ قَتْلٍ أَوْ مُبَاحٍ كَدُخُولِ دَارٍ أَوْ سُوقٍ لَمْ تَلْزَمْهُ اتِّفَاقًا.
وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ (كَإِجَازَتِهِ) أَيْ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ عَلَى طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ وَلِفَاعِلِهِ وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ (كَالطَّلَاقِ) وَالْعِتْقِ الْوَاقِعِ مِنْهُ حَالَ إكْرَاهِهِ عَلَيْهِ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ مَفْعُولُ إجَازَتِهِ حَالَ كَوْنِهِ (طَائِعًا) بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ مَا أَجَازَهُ نَظَرًا لِطَوْعِهِ حَالَهَا، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا لَمْ يَلْزَمْهُ وَلِأَنَّ الْوَاقِعَ فَاسِدًا لَا يُصَحَّحُ بَعْدَ وُقُوعِهِ قَوْلَانِ لِسَحْنُونٍ، قَالَ أَوَّلًا بِعَدَمِ اللُّزُومِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى اللُّزُومِ.
(وَالْأَحْسَنُ) مِنْهُمَا عِنْدَ بَعْضِ الشُّيُوخِ (الْمُضِيُّ) أَيْ اللُّزُومُ وَعَلَى هَذَا فَأَحْكَامُ الطَّلَاقِ كَالْعِدَّةِ مِنْ يَوْمِ الْإِيقَاعِ لَا مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ، وَلَا يَدْخُلُ النِّكَاحُ تَحْتَ الْكَافِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ، فَفِي التَّوْضِيحِ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى بُطْلَانِ نِكَاحِ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرَهَةِ، وَلَا يَجُوزُ الْمُقَامُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ. سَحْنُونٌ وَلَوْ انْعَقَدَ لَبَطَلَ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ فِيهِ خِيَارٌ، وَفِي قِيَاسِ بَعْضِ مَذْهَبِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنْ لِلْمُكْرَهِ إمْضَاءَ ذَلِكَ النِّكَاحِ إذَا أَمِنَ، وَكَذَا لِأَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ الْمُكْرَهَةِ. وَفِي قِيَاسِ بَعْضِ مَذَاهِبِهِمْ إنَّمَا تَجُوزُ إجَازَةُ الْمُكْرَهِ بِحَدَثَانِ ذَلِكَ.
(وَمَحَلُّهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (مَا) أَيْ عِصْمَةٌ قَائِمَةٌ بِالزَّوْجَةِ شَرْعًا (مُلِكَ) ضَمٌّ فَكَسْرٌ وَذَكَرَ الْعَائِدَ مُرَاعَاةً لِلَفْظِ مَا (قَبْلَهُ) أَيْ نُفُوذِ الطَّلَاقِ لِقَوْلِهِ الْآتِي وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute