للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

أَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُحَقِّقِينَ وَرَأَوْا أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا لَا فِي الْمَحْلُوفِ لَهَا. ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِظَاهِرِ مَا فِي الْإِيلَاءِ مِنْهَا حَيْثُ فَرَّقَ فِي مَسْأَلَةِ زَيْنَبَ وَعَزَّةَ بَيْنَ الْمَحْلُوفِ بِهَا فَخَصَّهَا بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى، وَبَيْنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا فَجَعَلَ حُكْمَهَا مُسْتَمِرًّا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا.

قَالَ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ سَبَقَهُ إلَيْهِ عِيَاضٌ فَذَكَرَهُ مَرَّتَيْنِ وَصَحَّحَ مَا فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مُخَالِفًا لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِمَا كَانَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْهَا. لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ تَضْعِيفُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ رِوَايَةَ مَا فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِظَاهِرِ مَا فِي الْإِيلَاءِ مِنْهَا نَقَلَهُ بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ الْفَاسِيِّينَ.

وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ الْإِيلَاءَ مُخَالِفٌ لِلطَّلَاقِ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ لَزِمَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا يَزُولُ بِالْمِلْكِ، وَالطَّلَاقُ لَا يَلْزَمُ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَيَزُولُ بِالْمِلْكِ، وَهَذَا الْفَرْقُ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ. وَنَصُّهُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِي الْإِيلَاءِ قُصَارَاهُ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَالْإِيلَاءُ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ لَازِمٌ. وَالضَّابِطُ أَنَّ الْمِلْكَ الَّذِي عَقَدَ فِيهِ الْيَمِينَ إمَّا بِالظِّهَارِ أَوْ بِالطَّلَاقِ، أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالتَّزْوِيجِ عَلَيْهَا مَتَى طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ظِهَارًا مُجَرَّدًا، أَوْ بِشَرْطٍ وَقَدْ وَقَعَ الشَّرْطُ، أَوْ يَكُونَ إيلَاءً فَيَلْزَمَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ.

ابْنُ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ فَرْقِ بَعْضِ الْفَاسِيِّينَ وَأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ لَا مُخَالَفَةَ فِيهَا بَيْنَ الْكِتَابَيْنِ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَنْ شَرَطَ لِامْرَأَتِهِ طَلَاقَ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهَا تَنْحَلُّ عَنْهُ الْيَمِينُ بِخُرُوجِ زَوْجَتِهِ عَنْ عِصْمَتِهِ بِالثَّلَاثِ، وَهُوَ خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ وَمُطَرِّفٍ، وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ مِنْ أَنَّهَا لَا تَنْحَلُّ عَنْهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الْيَمِينِ فِي الدَّاخِلَةِ وَلَيْسَ هُوَ فِيهَا. ابْنُ عَرَفَةَ فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَا فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ خِلَافًا لَقَالَ وَمِثْلُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ وَهُوَ أَذْكَرُ النَّاسِ لِمَسَائِلِ الْمُدَوَّنَةِ اهـ طفي فَظَهَرَ لَك أَنْ لَا تَخَافِيَ فِي كَلَامِهَا وَأَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِيلَاءِ مُبَايِنَةٌ لِمَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ، وَأَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ الصَّوَابُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>