للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ قَصَدَهُ بِ " اسْقِنِي " الْمَاءَ، أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ: لَزِمَ

ــ

[منح الجليل]

الطَّلَاقِ قَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ كَمَا قَرَّرَهُ بِهَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ، بَلْ مَعْنَاهَا قَوْلُهَا فِي كِتَابِ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ، وَإِنْ قَالَتْ أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك فَقَالَ لَهَا أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ بَاتَّةٌ، أَوْ قَالَ أَنَا مِنْك بَرِيءٌ أَوْ خَلِيٌّ أَوْ بَائِنٌ أَوْ بَاتٌّ، ثُمَّ قَالَ لَمْ أُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ فَلَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ جَوَابُ سُؤَالِهَا. اهـ. فَالْمُصَنِّفُ أَرَادَ تَأْدِيَةَ هَذَا الْمَعْنَى فَقَصَّرَتْ بِهِ الْعِبَارَةُ، فَمَعْنَى قَوْلِهَا لَا يُصَدَّقُ أَيْ فِي عَدَمِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ بِدَلِيلِ آخِرِ كَلَامِهَا، وَبِفَرْضِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمُصَنِّفُ فَهِمَ لَا يَنْوِي فِي الْعَدَدِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إحَالَةٌ لِلْمَسْأَلَةِ فَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ الْعَدَدِ لَطَابَقَ نَصَّهَا وَالْمُدَوَّنَةُ مَقْصِدُ كَلَامِهَا أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي نِيَّةِ عَدَمِ الطَّلَاقِ.

وَأَمَّا مَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ فَأَجْرِهِ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِهَا وَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَفِي بَاتَّةٍ الثَّلَاثُ بَنَى أَمْ لَا، وَفِي بَائِنٍ الثَّلَاثُ إنْ بَنَى، وَكَذَا إنْ لَمْ يَبْنِ لِعَدَمِ نِيَّةِ الْأَقَلِّ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مُنْكَرٌ وَكَذَا خَلِيَّةٌ وَبَرِيَّةٌ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْجَمِيعِ عَمَلًا بِمَا تَقَدَّمَ، وَمَفْهُومُ إنْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ هُوَ مَا تَقَدَّمَ فَافْهَمْ، وَبِهِ يَتَبَيَّنُ لَك أَنَّ مَا أَطَالَ بِهِ الشُّرَّاحُ هُنَا خَبْطٌ وَمِثْلُ مَنْ عَرَفَ الْمُضَارِبَ لَا يُطِيلُ الْهَزَّ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ، وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ، وَسَلَّمَهُ.

أَقُولُ كَلَامُ طفي هَذَا {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النور: ٣٩] . وَبِتَحْصِيلِهِ لُزُومَ الثَّلَاثِ فِي الْجَمِيعِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَنْوِي فِي الْعَدَدِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَأَنَّهُ لَمْ يُحِلَّ الْمَسْأَلَةَ إذْ عَدَمُ تَنْوِيَتِهِ فِي الْعَدَدِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ تَنْوِيَتِهِ فِي عَدَمِ قَصْدِ الطَّلَاقِ، فَكَلَامُهُ مُفِيدٌ مَا أَفَادَهُ كَلَامُهَا وَزِيَادَةٌ خَتَمَ اللَّهُ لَنَا بِخَاتِمَةِ السَّعَادَةِ.

(وَإِنْ قَصَدَهُ) أَيْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ (بِ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ (اسْقِنِي الْمَاءَ) خَاطَبَهَا بِصِيغَةِ أَمْرِ الْمُذَكَّرِ لَحْنًا، وَصَوَابُهُ اسْقِينِي بِإِثْبَاتِ يَاءِ الْفَاعِلَةِ أَوْ عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ أَوْ اسْتِهْزَاءً بِهَا أَوْ تَعْظِيمًا لَهَا أَوْ بِحَذْفِهَا تَخْفِيفًا (أَوْ) قَصَدَهُ (بِكُلِّ كَلَامٍ) كَادْخُلِي أَوْ اُخْرُجِي أَوْ كُلِي أَوْ اشْرَبِي مِمَّا لَيْسَ مِنْ لَفْظِهِ الصَّرِيحِ، وَلَا كِنَايَتِهِ الظَّاهِرَةِ، وَجَوَابُ إنْ قَصَدَهُ (لَزِمَ) الطَّلَاقُ الزَّوْجَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كُلِّ كَلَامٍ الْكَلَامُ الصَّرِيحُ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ كَالظِّهَارِ، فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ إذَا نَوَاهُ بِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَصَرِيحُهُ يُظْهِرُ مُؤَيَّدَ تَحْرِيمِهَا، وَلَا يَنْصَرِفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>