للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي لُزُومِهِ بِكَلَامِهِ النَّفْسِيِّ: خِلَافٌ

وَإِنْ كَرَّرَ الطَّلَاقَ

ــ

[منح الجليل]

رِوَايَةُ أَشْهَبَ. وَقِيلَ لَهُ رَدُّهُ وَهُوَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ كَتَبَ إلَيْهَا، فَإِذَا وَصَلَهَا طَلَقَتْ مَكَانَهَا وَأُجْبِرَ عَلَى رَجْعَتِهَا إنْ كَانَتْ حَائِضًا، وَإِنْ كَتَبَ إذَا وَصَلَك كِتَابِي هَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَرْسَلَهُ إلَيْهَا تَخَرَّجَ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ كَكَتْبِهِ إنْ وَصَلَك كِتَابِي هَذَا. وَالثَّانِي: وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ مَكَانَهُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إذَا بَلَغْت مَعِي مَوْضِعَ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ حَسْبَمَا فِي رَسْمٍ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ، وَسَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَسَنِ مِنْهُ. اهـ. فَفَرَّقَ بَيْنَ إنْ وَإِذَا لِأَنَّ إنْ صَرِيحَةٌ فِي الشَّرْطِ، وَإِذَا مُحْتَمِلَةٌ لَهُ وَلِمُجَرَّدِ الظَّرْفِيَّةِ، فَمَنْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِهَا الْآنَ حَمَلَهَا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ فَقَطْ، فَكَأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى زَمَانٍ آتٍ فَيُنَجَّزُ، وَالظَّاهِرُ عَلَى الْمَشْهُورِ عَدَمُ تَنْجِيزِهِ إذْ هِيَ عِنْدَهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الشَّرْطِ.

(وَفِي لُزُومِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ الزَّوْجَ (بِكَلَامِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (النَّفْسِيِّ) بِأَنْ أَجْرَى لَفْظَةَ الطَّلَاقِ عَلَى نَفْسِهِ وَاسْتَحْضَرَهَا بِقَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ بِهَا كَمَا يُجْرِيهَا عَلَى لِسَانِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ، وَالْقَصْدِ لِلتَّطْلِيقِ إذْ لَا يَلْزَمُ بِهَا طَلَاقٌ اتِّفَاقًا وَكَذَا مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ عَدَمُهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إجْمَاعًا، وَكَذَا لَا أَثَرَ لِلْوَسْوَسَةِ وَلَا لِقَوْلِهِ فِي خَاطِرِهِ أَطْلِقْ هَذِهِ وَأَسْتَرِيحُ مِنْ سُوءِ عِشْرَتِهَا مَثَلًا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ، أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا أَنْشَأَ الطَّلَاقَ بِقَلْبِهِ بِكَلَامِهِ النَّفْسَانِيِّ، وَالْقَوْلُ بَعْدَ اللُّزُومِ لِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَنَصَرَهُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَشَهَرَهُ الْقَرَافِيُّ، وَالْقَوْلُ بِاللُّزُومِ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَصَحَّحَهُ فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَشَهَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ حَلَّ الْعِصْمَةَ الَّتِي عُقِدَتْ بِقَوْلٍ وَنِيَّةٍ فَوَجَبَ كَوْنُ حَلِّهَا كَذَلِكَ إنَّمَا يُكْتَفَى بِالنِّيَّةِ فِي التَّكَالِيفِ الْقَلْبِيَّةِ، لَا فِيمَا بَيْنَ الْآدَمِيِّينَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ غَيْرُ النِّيَّةِ فَالتَّطْلِيقُ بِهِ حَلُّ الْعِصْمَةِ بِكَلَامٍ وَنِيَّةٍ فَسَاوَى عَقْدَهَا بِهِمَا وَلِأَنَّ اللُّزُومَ هُنَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذْ لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ غَيْرَهُ كَلَامَ النَّفْسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَعَدَمُ لُزُومِهِ بِهِ فِيهِ (خِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ

(وَإِنْ كَرَّرَ) الزَّوْجُ (الطَّلَاقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>