للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

ضَرْبًا، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ أَوْ سُدُسَ تَطْلِيقَةٍ أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ فِي عُيُونِ الْأَدِلَّةِ حُكِيَ عَنْ دَاوُد أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً لَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَالْفُقَهَاءُ عَلَى خِلَافِهِ.

قُلْت تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ نُزُولَ الْمُخَالِفِ مَعَ كَثْرَةِ الْمُجْمِعِينَ لَا يَقْدَحُ فِي كَوْنِ إجْمَاعِهِمْ حُجَّةً، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ فِي أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي ثُلُثَ وَرُبُعَ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي ثُلُثَ طَلْقَةٍ وَرُبُعَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ ثَلَاثٌ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالُوا فِي نِصْفَ وَرُبُعَ طَلْقَةٍ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي نِصْفَ طَلْقَةٍ وَرُبُعَ طَلْقَةٍ طَلْقَتَانِ اسْتِشْكَالٌ مِنْهُ وَالْأَظْهَرُ عَوْدُهُ لِلْأُولَى لِجَرَيَانِ الثَّانِيَةِ عَلَى أَصْلِ تَكْمِيلِ الطَّلْقَةِ، وَتَقْرِيرُ إشْكَالِ الْأُولَى أَنَّ تَقْدِيرَ لَفْظِهَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَرُبُعَ طَلْقَةٍ فَنِصْفٌ مُضَافٌ قَطْعًا فِي النِّيَّةِ وَالْمَنْوِيُّ مَعَ اللَّفْظِ كَالْمَلْفُوظِ بِهِ، فَسَاوَتْ الْأُولَى الثَّانِيَةَ فَافْتِرَاقُهُمَا فِي الْحُكْمِ مُشْكِلٌ.

وَجَوَابُهُ عَلَى أَصْلَيْنِ فِي الْفِقْهِ وَالْعَرَبِيَّةِ وَاضِحٌ، أَمَّا الْفِقْهِيُّ: فَهُوَ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَرُبُعَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، لِإِضَافَتِهِ الْجُزْأَيْنِ لِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَزِيدُ مَجْمُوعُهُمَا عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ فِي نِصْفَيْ طَلْقَةٍ. وَأَمَّا أَصْلُ الْعَرَبِيَّةِ: فَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ النَّحْوِيِّينَ إنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ إذَا حُذِفَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَنْوِينِ الْمُضَافِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُضَافُ بَعْدَ الْحَذْفِ عَلَى هَيْئَتِهِ قَبْلَ الْحَذْفِ، نَحْوُ قَوْلِهِمْ قَطَعَ اللَّهُ يَدَ وَرِجْلَ مَنْ قَالَهَا، قَالُوا التَّقْدِيرُ قَطَعَ اللَّهُ يَدَ مَنْ قَالَهَا وَرِجْلَهُ، فَحُذِفَ الضَّمِيرُ وَأُقْحِمَ الْمَعْطُوفُ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ، وَحُذِفَ التَّنْوِينُ مِنْ يَدٍ لِإِضَافَتِهِ إلَى مَنْ. وَحُذِفَ مِنْ رِجْلٍ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَى مَنْ فِي الْمَعْنَى، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ فِي اللَّفْظِ، وَهَذَا الْأَصْلُ يُوجِبُ تَقْدِيرَ تَرْكِيبِ لَفْظِ الْمَسْأَلَةِ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَرُبُعَهَا، وَقَدْ قَرَّرْنَا أَنَّ اللَّازِمَ فِي هَذَا اللَّفْظِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ قَالُوا يَقْتَضِي عَزْوَهُ لِغَيْرِ وَاحِدٍ وَلَا أَعْرِفُهُ نَصًّا لِوَاحِدٍ، لَكِنَّ أُصُولَ الْمَذْهَبِ بِمَا قَرَّرْنَاهُ تَقْتَضِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>