للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ مُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ، وَيُشْبِهُ بُلُوغُهُمَا عَادَةً: كَبَعْدَ سَنَةٍ

ــ

[منح الجليل]

اخْتِصَارِ الْمَبْسُوطَةِ وَسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَعَ دَلِيلِ قَوْلِهَا لَوْ كُنْت حَاضِرَ الشِّرْكِ مَعَ أَخِي لَفَقَأْت عَيْنَك حَنِثَ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى مَا لَا يَبَرُّ فِيهِ وَلَا فِي مِثْلِهِ، فَسَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ قَالَ لِمَنْ نَازَعَهُ وَجَبَذَ ثَوْبَهُ لِيَشُقَّهُ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَوْ أَنَّك شَقَقْته لَشَقَقْت جَوْفَك، ثُمَّ كَرَّرَهُ شَقَقْت كَبِدَك إلَّا أَنْ لَا أَقْدِرَ عَلَيْك لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشُقَّ الثَّوْبَ. سَحْنُونٌ هَذِهِ جَبْذَةٌ يُرَدُّ إلَيْهَا مَا يُشْبِهُهَا.

وَاخْتُلِفَ فِي مِثْلِ هَذَا قَوْلُهُ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِلَيْهِ نَحَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي التَّفْسِيرِ الثَّالِثِ أَنَّهُ حَانِثٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا. وَقَوْلُ ابْنِ لُبَابَةَ الْمَسْأَلَتَانِ مُفْتَرِقَتَانِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَلِفِهِ عَلَى فَقْءِ عَيْنِهِ أَوْ شَقِّ كَبِدِهِ أَوْ شَقِّ ثَوْبِهِ. وَذَكَرَ الْقَرَافِيُّ عَنْ الصِّقِلِّيِّ قَوْلَ أَصْبَغَ وَقَوْلَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إنْ أَمْكَنَ الْفِعْلُ شَرْعًا لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ.

وَفِي الْجَوَاهِرِ إنْ شَرَطَهُ بِمُمْكِنٍ عَادَةً أَوْ شَرْعًا حَنِثَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَبِمُمْتَنِعٍ عَادَةً وَشَرْعًا وَأَرَادَ حَقِيقَةَ الْفِعْلِ حَنِثَ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُبَالَغَةَ لَمْ يَحْنَثْ فَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافُ نَقْلِ الصِّقِلِّيِّ، وَخِلَافُ ظَاهِرِ الْكِتَابِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَهْوًا أَوْ ظَفِرَ بِنَقْلٍ غَرِيبٍ وَتَرَكَ الْجَادَّةَ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَهُوَ رَدِيءٌ، وَمَا قَالَهُ مِنْ إلْزَامِ الْحِنْثِ مَعَ الْإِمْكَانِ الْمُنَاسِبُ عَكْسُهُ.

قُلْت وَقَوْلُ أَصْبَغَ لَوْ حَلَفَ لِغَرِيمِهِ لَوْ جِئْتنِي أَمْسِ لَقَضَيْتُك حَقَّك فَهُوَ حَانِثٌ لِأَنَّهُ غَيْبٌ لَا يَدْرِي أَكَانَ فَاعِلًا أَمْ لَا، نَصَّ فِي خِلَافِ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَوْ حَلَفَ عَلَى وَاجِبٍ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ اتِّفَاقًا وَلَمْ أَعْرِفْهُ إلَّا مِنْ نَقْلِهِ، وَقَدْ أَطَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْكَلَامَ هُنَا فَلْيُنْظَرْ.

(أَوْ) عَلَّقَ بِشَيْءٍ (مُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالْقَافِ وُقُوعُهُ (وَيُشْبِهُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ يُمْكِنُ (بُلُوغُهُمَا) أَيْ حَيَاةِ الزَّوْجَيْنِ مَعًا (عَادَةً) إلَى حُصُولِ الْمُسْتَقْبَلِ الْمُحَقَّقِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (كَ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (بَعْدَ سَنَةٍ) فَيُنَجَّزُ وَقْتُ تَعْلِيقِهِ لِشَبَهِهِ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَأَمَّا إنْ كَانَ يُشْبِهُ بُلُوغُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَلَا يُنَجَّزُ إذْ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>