للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي:

ــ

[منح الجليل]

اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ فَقِيلَ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِأَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ وُقُوعِهِ. وَقَالَ أَصْبَغُ فِي الْمُنْتَخَبَةِ مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَمْنَعَنِي أَبِي فَمَنَعَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبِي فَلَمْ يَشَأْ وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ أَبِي. اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ أَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ مُرْسَلًا بَلْ مَوْقُوفًا عَلَى مَشِيئَةِ أَبِيهِ مِثْلُهُ فِي نَوَازِلِهِ. ابْنُ رُشْدٍ قِيَاسُهُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ لَا قِيَاسُهُ الثَّانِي أَنَّهُ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ أَبِي لِأَنَّ وَقْفَ الطَّلَاقِ عَلَى مَشِيئَةِ الْأَبِ صَحِيحٌ وَرَفْعَ مَشِيئَةِ الْأَبِ الطَّلَاقَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَا يَنْبَغِي جَعْلُ لَفْظِ رَفْعِ الْمَشِيئَةِ الطَّلَاقَ بِمَعْنَى وَقْفِ الطَّلَاقِ عَلَى مَشِيئَتِهِ لِأَنَّهُ ضِدُّهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ نَوَى ذَلِكَ فَيَنْوِيَ إنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَلَا يَصِحُّ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ يَنْوِيَ مَعَ الْبَيِّنَةِ فَضْلًا أَنْ تُحْمَلَ يَمِينُهُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَوْ إلَّا أَنْ يَمْنَعَنِي لَغْوًا لَا أَثَرَ لَهُ فِي الطَّلَاقِ حُمِلَ عَلَى إرَادَتِهِ بِهِ إنْ شَاءَ أَبِي لِعَدَمِ تَفْرِقَةِ الْعَوَامّ وَالْجُهَّالِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، فَهَذَا يُشْبِهُ أَنْ يُفْتَى بِهِ الْجَاهِلُ، عَلَى أَنَّ مِنْ قَوْلِهِ فِي نَوَازِلِهِ لَيْسَتْ الْجَهَالَةُ بِأَحْسَنَ حَالَةً مِنْ الْعِلْمِ فِي الطَّلَاقِ فَقَوْلُهُ بِكُلِّ حَالٍ ضَعِيفٌ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَعْنَى لَفْظِهِ هُوَ أَظْهَرُ مُحْتَمَلَاتِهِ.

وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ امْرَأَتِي طَالِقٌ لَا أُلْزِمُ نَفْسِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَحَا أَصْبَغُ فَجَعَلَهُ كَإِنْ شَاءَ أَبِي، وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنْ يُرِيدَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ فَعَلَ فُلَانٌ كَذَا، وَكَذَا أَوْ إنْ لَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ أَرَادَ الْحَالِفُ أَحَدَ هَذِهِ الْأَوْجُهِ حُمِلَتْ يَمِينُهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيُخْتَلَفُ عَلَى أَيُّهَا يُحْمَلُ. اهـ. وَأَطَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُنَا.

(بِخِلَافِ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (إلَّا أَنْ يَبْدُوَ) أَيْ يَظْهَرَ (لِي) عَدَمُ طَلَاقِك فَيُنَجَّزُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ، حَيْثُ رَدَّ الِاسْتِثْنَاءَ لِلْمُعَلَّقِ، فَإِنْ رَدَّهُ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ نَفَعَهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ فَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهَا فِي النُّذُورِ مَنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ أَرَى خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَنْفَعُهُ اسْتِثْنَاؤُهُ. الصِّقِلِّيُّ وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ. إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَشْيِ إنَّمَا هُوَ قَوْلُهُ عَلَيَّ الْمَشْيِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، وَلَا يُشْبِهُ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي

<<  <  ج: ص:  >  >>