للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ حَلَفَ مَا فَعَلْت، صُدِّقَ بِيَمِينٍ،

ــ

[منح الجليل]

ثُمَّ) كَذَّبَ نَفْسَهُ فِي إقْرَارِهِ أَوْ الْبَيِّنَةَ الَّتِي شَهِدَتْ عَلَيْهِ وَ (حَلَفَ) بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ (مَا فَعَلْت) ذَلِكَ الْفِعْلَ (صُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (بِيَمِينٍ) بِاَللَّهِ تَعَالَى إنَّهُ كَذَبَ فِي إقْرَارِهِ وَأَنَّ الْبَيِّنَةَ زُوِّرَتْ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَكَلَ نُجِّزَ عَلَيْهِ إنْ رُفِعَ وَإِنْ اسْتَفْتَى صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَقَرَّ بِفِعْلِ كَذَا ثُمَّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَا يَحْنَثُ، وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ فَعَلَهُ ثُمَّ قَالَ كُنْت كَاذِبًا فَلَا يَنْفَعُهُ وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ بِالْقَضَاءِ.

قُلْت مِثْلُهُ فِي رَسْمِ الدُّورِ وَالْمَزَارِعِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَفِيهِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ قَوْمٌ بِحَقٍّ أَوْ فِعْلِ شَيْءٍ يُنْكِرُهُ فَحَلَفَ بَعْدَ شَهَادَتِهِمْ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِزُورٍ حَلَفَ أَنَّهُمْ كَاذِبُونَ وَدُيِّنَ، فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَصْدِيقِهِمْ أَوْ شَهِدَ آخَرُونَ بِصِدْقِ شَهَادَةِ الْأَوَّلِينَ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ. وَكَذَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ إنْ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ كَذَا أَوْ كَذَا وَإِنْ كَانَ كَلَّمَ فُلَانًا الْيَوْمَ فَشَهِدَ عَلَيْهِ عُدُولٌ بِالْحَقِّ أَوْ بِالْكَلَامِ فَقَدْ حَنِثَ

ابْنُ رُشْدٍ أَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ مِنْهَا وَتَكَرَّرَتْ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَلَا خِلَافَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْيَمِينُ عَلَى مَا يُنَاقِضُهُ هُوَ أَنَّ الْيَمِينَ إذَا تَقَدَّمَ فَقَدْ لَزِمَهُ حُكْمُهُ وَوَجَبَ أَنْ لَا يُصَدَّقَ فِي إبْطَالِهِ وَإِذَا تَقَدَّمَ الْفِعْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ لَمْ يَثْبُتْ لِلْيَمِينِ بِتَكْذِيبِ ذَلِكَ حُكْمٌ إذْ لَمْ يَقْصِدْ الْحَالِفُ إلَى إيجَابِ حُكْمِ الطَّلَاقِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ إنَّمَا قَصَدَ تَحْقِيقَ نَفْيِ ذَلِكَ الْفِعْلِ. قُلْتُ الْأَصْلُ أَنَّ ثَانِيَ الْمُتَنَافِيَيْنِ نَاسِخٌ أَوَّلَهُمَا فِيمَا فِيهِ النَّسْخُ وَرَافِعٌ لَهُ إلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ تَقَدَّمَ الْحَلِفُ كَانَ مَا بَعْدَهُ رَافِعًا لِمَدْلُولِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَكَانَ إقْرَارًا بِالْحِنْثِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ كَانَ رَافِعًا مَا قَبْلَهُ فَلَا حِنْثَ.

اللَّخْمِيُّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ قِيلَ لَهُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ يَشْهَدَانِ عَلَيْك بِكَذَا فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا شَيْءَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ شَهِدَا عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِرِيحِ خَمْرٍ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا شَرِبَ خَمْرًا حُدَّ وَدُيِّنَ فِي يَمِينِهِ، وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ. قُلْت ظَاهِرُهُ دُونَ يَمِينٍ وَلَا يَنْقُضُ فَرْعُ الْمَوَّازِيَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْفَرْقِ، لِأَنَّ حَلِفَهُ فِيهِ فِي حُكْمِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ رَدًّا لَهَا لِمَا أَخْبَرَ بِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>