للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

لَا سَبِيلَ إلَى قَتْلِهِ لِأَنَّهُ قَبْلَ وَطْئِهَا لَمْ يَسْتَوْجِبْ الْقَتْلَ بِوَجْهٍ وَبَعْدَهُ صَارَ حَدًّا عَلَى الْإِمَامِ إقَامَتُهُ أَحْمَدُ بَابَا فَيَخْتَصُّ الْمَعْنَى بِمُدَافَعَتِهِ وَإِنْ أَدَّتْ إلَى قَتْلِهِ لَا قَصْدِ قَتْلِهِ ابْتِدَاءً وَهُوَ خِلَافُ الْفَرْضِ.

ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ وَعَلِمَ أَنَّهُ كَذَبَ فِيهِ حَلَّ لَهُ الْمُقَامُ مَعَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَسَعُ امْرَأَتَهُ الْمُقَامُ مَعَهُ إنْ سَمِعَتْ إقْرَارَهُ، هَذَا إلَّا أَنْ لَا تَجِدَ بَيِّنَةً وَلَا سُلْطَانَ لَهَا فَهِيَ كَمَنْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَلَا بَيِّنَةَ لَهَا. قَالَ فِيهَا مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تَتَزَيَّنُ لَهُ وَلَا يَرَى شَعْرَهَا وَلَا وَجْهَهَا إنْ قَدَرَتْ وَلَا يَأْتِيهَا إلَّا كَارِهَةً وَلَا تَنْفَعُهَا مُدَافَعَتُهُ وَلَا يَمِينَ إلَّا بِشَاهِدٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عِبَارَةُ إلَّا كَارِهَةً إذْ لَا تَنْفَعُهَا كَرَاهَةُ إتْيَانِهِ لَهَا إنَّمَا يَنْفَعُهَا كَوْنُهَا مُكْرَهَةً. ابْنُ مُحْرِزٍ إنَّمَا مَنَعَهُ مِنْ رُؤْيَةِ وَجْهِهَا لِقَصْدِ اللَّذَّةِ كَالْأَجْنَبِيِّ لَا لِغَيْرِ اللَّذَّةِ إذْ وَجْهُ الْمَرْأَةِ عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَغَيْرِهِ لَيْسَ عَوْرَةً وَقَدْ قَالَ فِي الظِّهَارِ وَقَدْ يَرَى غَيْرُهُ وَجْهَهَا مُحَمَّدٌ وَلْتَفْتَدِ مِنْهُ بِمَا قَدَرَتْ وَلَوْ بِشَعْرِ رَأْسِهَا، وَتَقْتُلُهُ إنْ خَفِيَ لَهَا كَغَاصِبِ الْمَالِ أَرَادَ الْعَادِيَ عَلَيْهِ وَالْمُحَارِبَ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَحِلُّ لَهَا قَتْلُهُ وَلَا قَتْلُ نَفْسِهَا أَكْثَرُ مَا عَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ وَأَلَّا يَأْتِيَهَا إلَّا مُكْرَهَةً. ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا الصَّوَابُ. ابْنُ بَشِيرٍ اُخْتُلِفَ هَلْ يُبَاحُ لَهَا قَتْلُهُ إنْ أَمْكَنَهَا وَخَفِيَ لَهَا فَقِيلَ لَهَا ذَلِكَ وَرَآهُ مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ. وَقِيلَ لَا وَرَآهُ مِنْ بَابِ إقَامَةِ الْحُدُودِ، وَيُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ هَلْ يَفْتَقِرُ إلَى إذْنٍ أَمْ لَا، وَقَاسَ مُحَمَّدٌ قَتْلَهُ عَلَى الْمُحَارِبِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ بِأَنَّ مَنْ طَلَبَ الْمُحَارِبُ أَخْذَ مَالِهِ مُخَيَّرٌ فِي التَّسْلِيمِ وَالْمُحَارَبَةِ، وَالْمَرْأَةُ لَا يَجُوزُ لَهَا التَّسْلِيمُ وَلَا سَبِيلَ لَهَا إلَى الْقَتْلِ لِأَنَّهُ قَبْلَ وَطْئِهَا لَا يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ بِوَجْهٍ وَبَعْدَهُ صَارَ حَدًّا وَالْحَدُّ لَيْسَ لَهَا إقَامَتُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مِنْ تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ بِمُدَافَعَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِقَتْلِهِ قَتَلَتْهُ.

قُلْت تَقْرِيرُ ابْنِ مُحْرِزٍ بِأَنَّ الْمَغْصُوبَ مُخَيَّرٌ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ يَنْتِجُ كَوْنُ الْقِيَاسِ أُخْرَوِيًّا فِي الْقَتْلِ. وَالصَّوَابُ إنْ أَمِنَتْ مِنْ قَتْلِ نَفْسِهَا إنْ قَتَلَتْهُ أَوْ حَاوَلَتْ قَتْلَهُ وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ وَجَبَ عَلَيْهَا قَتْلُهُ لَا إبَاحَتُهُ وَإِنْ لَمْ تَأْمَنْ قَتْلَ نَفْسِهَا فِي مُدَافَعَتِهِ بِالْقَتْلِ أَوْ بَعْدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>