للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِحَرَامٍ، وَآخَرُ بِبَتَّةٍ، أَوْ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى دُخُولِ دَارٍ فِي رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ

ــ

[منح الجليل]

كَيْفَ أَصْبَحْت كَيْفَ أَمْسَيْت مِمَّا ... يَغْرِسُ الْوُدَّ فِي فُؤَادِ اللَّبِيبِ

وَضَعُفَ بِاخْتِصَاصِهِ بِالضَّرُورَةِ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْحُذَّاقِ أَنَّ تَوْجِيهَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّسْهِيلِ وَالْمُغْنِي تَوْجِيهُ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَيْضًا، وَلَا يَقْتَضِي عَكْسَ التَّرْتِيبِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَّا لَوْ أَبْقَى الشَّرْطَانِ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ، فَإِنَّ أَوَّلَ الْأَوَّلَ بِمَعْنَى الثُّبُوتِ شَمَلَ الِاسْتِقْبَالَ وَغَيْرَهُ، وَصَارَ مَعْنَى الْمِثَالِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِنْ ثَبَتَ كَلَامُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهَذَا شَامِلٌ لِوُقُوعِ الْكَلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، وَبُحِثَ فِيهِ بِاقْتِضَائِهِ الْحِنْثَ بِكَلَامِهَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِتَأْوِيلِ الْأَوَّلِ بِالثُّبُوتِ وَأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ عَلَى اسْتِقْبَالِ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ زَمَنِ الثَّانِي لِتَوَقُّفِهِ عَلَيْهِ، وَمَذْهَبُنَا عَلَى اسْتِقْبَالِ كُلٍّ مِنْ الْفِعْلَيْنِ بِاعْتِبَارِ زَمَنِ التَّكَلُّمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى الثَّانِي إنَّمَا هُوَ لُزُومُ حُكْمِ التَّعْلِيقِ لَا الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَظَهَرَ بِهِ أَنَّ تَوْجِيهَ ابْنِ الْحَاجِبِ يَصْلُحُ لِكُلٍّ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحِنْثِ بِالْبَعْضِ الَّذِي قَالَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا قَوْلُ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيمَا عَلِمْت أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِعْلَيْنِ فَفَعَلَ أَحَدَهُمَا أَوْ لَا يَفْعَلُ فِعْلًا فَفَعَلَ بَعْضَهُ أَنَّهُ حَانِثٌ مِنْ أَجْلِ أَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ قَدْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ، إذْ هُوَ بَعْضُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ. اهـ. لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ تَعْلِيقٌ وَاحِدٌ وَمَا هُنَا فِيهِ تَعْلِيقُ التَّعْلِيقِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعَلَّقَ لَا يُوجَدُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ هُنَا تَوَقُّفَ الطَّلَاقِ عَلَى مَجْمُوعِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.

(وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ) عَدْلٌ عَلَى زَوْجٍ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ (بِ) لَفْظٍ (حَرَامٍ وَ) شَهِدَ شَاهِدٌ (آخَرُ) عَدْلٌ أَنَّهُ طَلَّقَهَا (بِ) لَفْظِ (بَتَّةَ) لُفِّقَتْ الشَّهَادَةُ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لِاتِّفَاقِ اللَّفْظَيْنِ فِي الْمَعْنَى وَالْحُكْمِ (أَوْ) شَهِدَ شَاهِدٌ (بِتَعْلِيقِهِ) طَلَاقَهَا (عَلَى دُخُولِ دَارٍ) مَثَلًا، وَصِلَةُ تَعْلِيقِ (فِي رَمَضَانَ وَ) شَهِدَ شَاهِدٌ آخَرُ بِتَعْلِيقِهِ فِي (ذِي الْحِجَّةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>