للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحِيلَ بَيْنَهُمَا حَتَّى تُجِيبَ، وَوُقِفَتْ.

ــ

[منح الجليل]

قِيلَ عُرْفِيٌّ لَا دَخْلَ لِلُّغَةِ فِيهِ، فَقَوْلُهُمْ فِي الْمَشْهُورِ يُنَاكِرُ الزَّوْجُ الْمُمَلَّكَةَ لَا الْمُخَيَّرَةَ مَبْنِيٌّ عَلَى عُرْفٍ فَيَنْعَكِسُ الْحُكْمُ بِانْعِكَاسِهِ. وَقِيلَ: لِلُّغَةِ فِيهِ مَدْخَلٌ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ إعْطَاءُ مَا لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا فَالْأَصْلُ بَقَاءُ مِلْكِ الزَّوْجِ الْعِصْمَةَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا اعْتَرَفَ بِإِعْطَائِهِ وَالتَّخْيِيرُ لُغَةً: جَعْلُ الْخِيَارِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ لِلْمُخَيَّرِ بِالْفَتْحِ فَمَعْنَى تَخْيِيرِ الزَّوْجَةِ أَنَّهُ خَيَّرَهَا بَيْنَ بَقَائِهَا عَلَى عِصْمَتِهِ وَذَهَابِهَا عَنْهَا، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ الَّذِي لَا يُبْقِي لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا حُكْمًا أَفَادَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضِّحُ.

وَقَالَ الْقَرَافِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ اتِّفَاقِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى أَنَّ التَّخْيِيرَ كِنَايَةٌ لَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ إلَّا بِنِيَّتِهِ لِاحْتِمَالِهِ التَّخْيِيرَ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ إنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ احْتَمَلَ الْوَاحِدَةَ وَغَيْرَهَا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ مَا نَصُّهُ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ هُوَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ لُغَةً لَا مِرْيَةَ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَفْتَى بِالثَّلَاثِ عَلَى عَادَةٍ كَانَتْ فِي زَمَانِهِ أَوْجَبَتْ نَقْلَ اللَّفْظِ عَنْ مُسَمَّاهُ اللُّغَوِيِّ إلَى هَذَا الْمَفْهُومِ، فَصَارَ صَرِيحًا فِيهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ وَهُوَ سِرُّ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ بُطْلَانُ هَذَا الْحُكْمِ الْيَوْمَ وَوُجُوبُ الرُّجُوعِ إلَى اللُّغَةِ، وَيَكُونُ كِنَايَةً مَحْضَةً كَمَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ لِتَغَيُّرِ الْعُرْفِ.

وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ اللَّفْظَ مَتَى كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مَبْنِيًّا عَلَى نَقْلٍ عَادِيٍّ بَطَلَ ذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ بُطْلَانِ تِلْكَ الْعَادَةِ، وَتَغَيَّرَ إلَى حُكْمٍ آخَرَ إنْ شَهِدَتْ لَهُ عَادَةٌ أُخْرَى، هَذَا هُوَ الْفِقْهُ اهـ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ ابْنُ الشَّاطِّ مَا قَالَهُ إنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَنَى عَلَى عُرْفٍ فِي زَمَانِهِ هُوَ الظَّاهِرُ وَمَا قَالَهُ مِنْ لُزُومِ تَغَيُّرِ الْحُكْمِ بِتَغَيُّرِ الْعُرْفِ صَحِيحٌ.

(وَحِيلَ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ أَيِّ فُرِّقَ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ فَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا (حَتَّى تُجِيبَ) الزَّوْجَةُ بِمَا يَقْتَضِي بَقَاءَهَا عَلَى عِصْمَةِ زَوْجِهَا أَوْ فِرَاقَهُ لَا فِي التَّوْكِيلِ لِأَنَّ لَهُ عَزْلَهَا إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ حَقُّهَا بِالطَّلَاقِ وَالنَّفَقَةِ زَمَنَ الْحَيْلُولَةِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهَا وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَرِثَهُ الْآخَرُ (وَوُقِفَتْ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْقَافِ الزَّوْجَةُ الْمُخَيَّرَةُ أَوْ الْمُمَلَّكَةُ إنْ أَطْلَقَ الزَّوْجُ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>