عَلَى مَا إذَا رُوفِعَ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ.
وَأُورِدَ لَوْ كَفَّرَ عَنْهَا وَلَمْ تُصَدِّقْهُ، وَفُرِّقَ بِشِدَّةِ الْمَالِ، وَبِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْحِلِّ.
ــ
[منح الجليل]
الْمِيمِ الْمُدَوَّنَةِ لِدَفْعِ اسْتِشْكَالِ كَوْنِهِ مُؤْلِيًا مَعَ اسْتِثْنَائِهِ (عَلَى مَا إذَا رُوفِعَ) الْمُؤْلِي لِلْحَاكِمِ (وَلَمْ تُصَدِّقْهُ) الزَّوْجَةُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِاسْتِثْنَائِهِ حَلَّ الْيَمِينِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِدَلِيلِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْوَطْءِ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا أَوْ صَدَّقَتْهُ فَلَا يَكُونُ مُؤْلِيًا
(وَأُورِدَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى هَذَا الْحَمْلِ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى وَهِيَ (لَوْ) حَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا يَطَؤُهَا ثُمَّ (كَفَّرَ عَنْهَا) أَيْ يَمِينُ الْإِيلَاءِ بَعْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ وَاسْتَمَرَّ تَارِكًا وَطْأَهَا (وَلَمْ تُصَدِّقْهُ) الزَّوْجَةُ فِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَنْهَا وَادَّعَتْ أَنَّهَا عَنْ يَمِينٍ أُخْرَى أَنَّ الْإِيلَاءَ تَنْحَلُّ عَنْهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي انْحِلَالَ الْإِيلَاءِ عَنْهُ فِي السَّابِقَةِ أَيْضًا أَوْ عَدَمَهُ فِي هَذِهِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.
(وَفُرِقَ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُخَفَّفًا بَيْنَهُمَا (بِشِدَّةِ) أَيْ صُعُوبَةِ وَعِزَّةِ (الْمَالِ) عَلَى النَّفْسِ إذْ هُوَ شَقِيقُ الرُّوحِ وَبِهِ قِوَامُ الْبَدَنِ (وَبِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْحِلِّ) احْتِمَالًا ظَاهِرًا كَالتَّبَرُّكِ وَاحْتِمَالُ الْكَفَّارَةِ يَمِينًا أُخْرَى غَيْرُ ظَاهِرٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَاسْتَثْنَى فَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مُؤْلٍ وَلَهُ الْوَطْءُ بِلَا كَفَّارَةٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَكُونُ مُؤْلِيًا، وَعَزَاهُ ابْنُ حَارِثٍ لِأَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ، وَنُوقِضَتْ بِقَوْلِهَا أَحْسَنُ لِلْمُؤْلِي أَنْ يُكَفِّرَ فِي يَمِينِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ حِنْثِهِ، فَإِنْ كَفَّرَ قَبْلَهُ أَجْزَأَهُ وَسَقَطَ إيلَاؤُهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَسْقُطُ حَتَّى يَطَأَ إذْ لَعَلَّهُ كَفَّرَ عَنْ أُخْرَى إلَّا أَنْ يَكُونَ يَمِينُهُ فِي شَيْءٍ " بِعَيْنِهِ.
وَقَوْلُ الصِّقِلِّيِّ الْفَرْقُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تُسْقِطُ الْيَمِينَ حَقِيقَةً وَالِاسْتِثْنَاءَ لَا يُحِيلُهَا حَقِيقَةً لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ لِلتَّبَرُّكِ ضَعِيفٌ. وَلَوْ زَادَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ صَرْفِ الْكَفَّارَةِ عَنْ يَمِينِ الْإِيلَاءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حَلِفِهِ فَتَرَجَّحَ كَوْنُهَا لَهَا، وَلَا مُرَجِّحَ بِكَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْحَلِّ لَتَمَّ. وَفَرَّقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمُكَفِّرَ أَتَى بِأَشَدِّ الْأُمُورِ عَلَى النَّفْسِ، وَهُوَ بَذْلُ الْمَالِ أَوْ الصَّوْمِ، فَكَانَ أَقْوَى فِي رَفْعِ التُّهْمَةِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute