للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ كَأُمِّي؟ تَأْوِيلَانِ

ــ

[منح الجليل]

أَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَكَذَا قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ: الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ صَرِيحَ الظِّهَارِ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الطَّلَاقِ، وَأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ لَهُ حُكْمٌ فِي نَفْسِهِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُضْمَرَ بِهِ غَيْرُهُ كَالطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ لَوْ أُضْمِرَ بِهِ غَيْرُهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ الطَّلَاقِ اهـ.

وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ وَزَادَ عَنْهُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَقَالَ: أَرَدْت بِهِ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا حَلَفَ بِهِ وَهِيَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى.

وَشُبِّهَ فِي التَّأْوِيلَيْنِ لَا بِقَيْدِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ كَمَا فِي ضَيْح أَوْ مَعَ قِيَامِهَا كَمَا فِي تت فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: (أَنْتِ حَرَامٌ) عَلَيَّ (كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ) أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ (كَأُمِّي) فَهَلْ يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَ الظِّهَارِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَقَطْ، أَوْ يُؤْخَذُ بِالظِّهَارِ فَقَطْ (تَأْوِيلَانِ) حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ كَأُمِّي لَيْسَ مِنْ الصَّرِيحِ لِعَدَمِ اشْتِمَالِهِ عَلَى الظَّهْرِ. فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ بِأَنْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَظِهَارٌ فَقَطْ بِاتِّفَاقٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا نَوَاهُمَا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ بِنَاءً عَلَى التَّشْبِيهِ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا بِقَيْدِ الْقِيَامِ.

فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ لُزُومِ الظِّهَارِ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ أَنْتِ حَرَامٌ وَسَيَقُولُ وَسَقَطَ أَيْ الظِّهَارُ إنْ تَعَلَّقَ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ تَأَخَّرَ كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. اهـ. وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ قَوْلُهُ أَوْ تَأَخَّرَ إلَخْ. قُلْت الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ عَطَفَ الظِّهَارَ عَلَى الطَّلَاقِ فِي الْآتِي فَلَمْ يَجِدْ الظِّهَارُ مَحَلًّا، وَلَمْ يَعْطِفْ هُنَا، وَجَعَلَ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي قَيْدًا فِيمَا قَبْلَهُ وَبَيَانًا لِوَجْهِ التَّحْرِيمِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْعَوَامِّ مَخْرَجًا حَيْثُ قَالَ مِثْلُ أُمِّي اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَشُبِّهَ فِي التَّأْوِيلَيْنِ. . . إلَخْ هُوَ الصَّوَابُ، وَبِهِ قَرَّرَهُ الْحَطّ قَائِلًا، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِجَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ فِيهِمَا، ثُمَّ قَالَ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي، وَلَكِنَّهُ يُؤْخَذُ حُكْمُهُ مِنْ أَنْتِ حَرَامٌ. كَأُمِّي مِنْ بَابِ أَحْرَى، وَقَرَّرَهُ س وَتَبِعَهُ خش عَلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ فَقَطْ فَيُؤْخَذُ بِهِمَا مَعًا إذَا نَوَاهُمَا، فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَزِمَهُ الظِّهَارُ وَأَصْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ، وَتَعَقَّبَهُ فِي ضَيْح اُنْظُرْ الْحَطّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>