لِجَمَاعَةٍ طَلَبَتْ غَيْرَهَا: فِي فَرْضٍ وَقْتِيٍّ، وَلَوْ جُمُعَةً وَهُوَ مُثَنًّى،
ــ
[منح الجليل]
وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِهِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ وَاسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ وَصِلَةُ سُنَّ (لِجَمَاعَةٍ) أَيْ مِنْهَا كِفَايَةً لَا لِمُنْفَرِدٍ وَنَعَتَهَا بِجُمْلَةِ (طَلَبَتْ) أَيْ جَمَاعَةٌ (غَيْرَهَا) لِلصَّلَاةِ مَعَهَا لَا لِجَمَاعَةٍ مَحْصُورَةٍ غَيْرِ طَالِبَةٍ غَيْرَهَا وَصِلَةُ " سُنَّ " (فِي فَرْضٍ) لَا فِي سُنَّةٍ كَعِيدٍ (وَقْتِيٍّ) بِشَدِّ الْيَاءِ أَيْ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ فِي جُزْءٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الزَّمَانِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ، مُخْرِجٌ الْفَائِتَةَ إذْ وَقْتُهَا وَقْتُ تَذَكُّرِهَا فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَالْجِنَازَةَ إذْ وَقْتُهَا الْفَرَاغُ مِنْ تَكْفِينِهَا كَذَلِكَ، وَالْمُنَاسِبُ زِيَادَةُ " اخْتِيَارِيٍّ " وَلَوْ حُكْمًا لِتَخْرُجَ الصَّلَاةُ الْمُؤَدَّاةُ فِي الضَّرُورِيِّ لِغَيْرِ جَمْعٍ وَتَدْخُلَ الْمَجْمُوعَةُ فِيهِ تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا إنْ كَانَ الْفَرْضُ الْوَقْتِيُّ غَيْرَ جُمُعَةٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (جُمُعَةً) فَأَذَانُهَا الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ عَقِبَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ سُنَّةٌ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ بِهِ لِكَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا فِي خِلَافَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ وَلَا فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَذَا الثَّانِي الَّذِي هُوَ عَقِبَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَبْلَ الْخُطْبَةِ وَهُوَ أَوْكَدُ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بِوُجُوبِ الثَّانِي، وَفِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ بِدْعَةٌ مُضَيِّعَةٌ لِثَمَرَتِهِ مِنْ إسْمَاعِ النَّاسِ الْخَارِجِينَ عَنْ الْمَسْجِدِ لِيَسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَيَذَرُوا الْبَيْعَ وَكُلَّ مَا يَشْغَلُهُمْ عَنْهُ وَالْحَاضِرُونَ فِي الْمَسْجِدِ لَا حَاجَةَ لَهُمْ بِالْأَذَانِ فَالصَّوَابُ فِعْلُهُ فِي مَحَلِّ الْأَذَانِ الْمُعْتَادِ لِلْإِسْمَاعِ لِمَنْ لَيْسَ فِي الْجَامِعِ كَمَا كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَغْرِبِ إلَى الْآنَ.
(وَهُوَ) أَيْ الْأَذَانُ بِمَعْنَى الْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ، وَهُوَ ذِكْرُ الِاسْمِ الظَّاهِرِ بِمَعْنًى، وَاعَادَةُ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ بِمَعْنًى آخَرَ (مُثَنًّى) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ التَّثْنِيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute