كَمُتَزَوِّجِ بَائِنَتَهُ، ثُمَّ يُطَلِّقُ، بَعْدَ الْبِنَاءِ، أَوْ يَمُوتُ مُطَلِّقًا
ــ
[منح الجليل]
عَنْ إرْدَافِ طَلَاقٍ عَلَى رَجْعِيَّةٍ فِي الْعِدَّةِ بِلَا رَجْعَةٍ فَإِنَّهَا تُتِمُّ عِدَّةَ الْأَوَّلِ وَتُلْغِي الثَّانِيَ فَلَا تَأْتَنِفُ لَهُ عِدَّةً لَا عَنْ مَسَائِلِ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ بِأَنْ كَانَ الطَّارِئُ أَوْ الْمَطْرُوءُ عَلَيْهِ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَالْأَقْصَى هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ مَعَ غَيْرِهِ غَيْرُ نَفْسِهِ فَقَدْ صُدِّقَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ انْهَدَمَ الْأَوَّلُ وَائْتَنَفَتْ وَمَثَّلَ لِلْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ فَقَالَ (كَ) رَجُلٍ (مُتَزَوِّجٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً مُنَوَّنًا أَوْ مُضَافًا لِمَفْعُولِهِ (بَائِنَتَهُ) أَيْ الَّتِي طَلَّقَهَا بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا طَلَاقًا بَائِنًا بِخُلْعٍ لَا بِالثَّلَاثِ إذْ لَا يَتَزَوَّجُهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ غَيْرِهِ بَعْدَ تَمَامِ عِدَّتِهِ وَلَا الَّتِي طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ إذْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَتَزَوَّجَ بَائِنَتَهُ بِخُلْعٍ فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ (ثُمَّ يُطَلِّقُ) هَا (بَعْدَ الْبِنَاءِ) أَيْضًا فَتَأْتَنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ الثَّانِي لِانْهِدَامِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ بِوَطْءِ الثَّانِي فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَانِيًا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَتَمَّتْ عِدَّةَ الْأَوَّلِ وَحَلَّتْ لِغَيْرِهِ.
فَهَذَا مِثَالٌ لِطَرَيَانِ عِدَّةِ طَلَاقٍ عَلَى مِثْلِهَا وَعَطَفَ عَلَى يُطَلِّقُ فَقَالَ (أَوْ) أَيْ وَكَمُتَزَوِّجِ بَائِنَتِهِ فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ (يَمُوتُ) عَنْهَا (مُطَلِّقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ بَعْدَ بِنَائِهِ بِهَا إذْ الْبِنَاءُ لَيْسَ شَرْطًا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَاتَ عَنْهَا بَعْدَ بِنَائِهِ بِهَا فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَهُ فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ كَذَلِكَ، وَقَالَ سَحْنُونٌ وَالشَّيْخُ عَلَيْهَا أَقْصَى الْعِدَّتَيْنِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَكَالْمُتَزَوِّجِ بَائِنَتَهُ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ إنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَضَعَّفَ وَعَزَا فِي التَّوْضِيحِ التَّضْعِيفَ لِأَبِي عِمْرَانَ، وَنَقَلَ جَوَابَهُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يَهْدِمُ عِدَّةَ الْبَائِنِ نِكَاحُهَا زَوْجَهَا بَلْ بِنَاؤُهُ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ فَفِي لُزُومِ الْحَائِلِ أَقْصَى الْعِدَّتَيْنِ وَهَدْمُهَا عِدَّةَ الْوَفَاةِ قَوْلُ سَحْنُونٍ مَعَ الشَّيْخِ عَنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَالصَّقَلِّيِّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ قَائِلًا وَالْحَامِلُ وَضْعُهَا لِلْعِدَّتَيْنِ اهـ.
وَهَذَا مِثَالٌ لِتَجَدُّدِ عِدَّةِ وَفَاةٍ عَلَى عِدَّةِ طَلَاقٍ وَاعْتَرَضَ ابْنُ عَاشِرٍ هَذَا بِأَنَّ الْبِنَاءَ فِيهِ هُوَ الْهَادِمُ لِلْأَوَّلِ لَا مَا طَرَأَ بَعْدَهُ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ، وَأَجَابَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ طُرُوُّ الْمُوجِبِ قَبْلَ تَمَامِ الْعِدَّةِ مَوْجُودٌ فِيهِمَا قَطْعًا وَلَمْ يُمَثِّلُوا بِهِمَا إلَّا لِهَذَا، وَإِنَّمَا يَتِمُّ الِاعْتِرَاضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute