. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
انْدَرَجَ تَحْتَ الْعَامِّ وَالْعَامُّ فِي مَسْأَلَتِنَا هُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَالْأَرْبَعُ الْمَذْكُورَةُ لَمْ تَنْدَرِجْ فِيهِ بِحَالٍ.
أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَمَا ثَبَتَ التَّحْرِيمُ فِيهَا بِالنَّسَبِ إلَّا بِالِانْدِرَاجِ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] وَتَحْتَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢] وَبِالضَّرُورَةِ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي الرَّضَاعِ لَا يَصْدُقُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا أُمٌّ بِالرَّضَاعِ وَلَا مَنْكُوحَةُ أَبٍ بِهِ، وَإِنَّمَا غَرَّهُ فِي ذَلِكَ تَوَهُّمُهُ أَنَّ التَّحْرِيمَ فِي صُورَتَيْ النَّسَبِ ثَبَتَ فِي الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُ إحْدَاهُمَا أُمَّ أَخِيك وَمِنْ حَيْثُ كَوْنُ الْأُخْرَى أُمَّ أُخْتِك، وَذَلِكَ وَهْمٌ يُدْرِكُهُ مَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ، وَتَقْرِيرُ هَذَا فِي سَائِرِ الْمَسَائِلِ وَاضِحٌ فَلَا نُطِيلُ بِهِ وَإِذَا ثَبَتَ عَدَمُ انْدِرَاجِهَا تَحْتَ الْعَامِّ الْمَذْكُورِ امْتَنَعَ كَوْنُهُ مُخَصَّصًا بِهَا، وَلَمْ أَعْلَمْ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ عَلَى أَنَّهَا مُخَصَّصَةٌ لِلْحَدِيثِ كَمَا زَعَمَهُ إنَّمَا أَشَارَ ابْنُ رُشْدٍ بِهَا إلَى بَيَانِ اخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِي مُسَمَّى اللَّفْظِ الْإِضَافِيِّ وَهُوَ أُمُّ أَخِيك وَأُمُّ أَبِيك فَإِنَّهُ فِي الْمَعْنَى النِّسْبِيِّ التَّحْرِيمُ وَفِي الرَّضَاعِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَكَذَا فِي سَائِرِهَا اهـ.
وَنَصَّ ابْنُ رُشْدٍ فَإِذَا قُلْنَا إنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ لَا تَسْرِي مِنْ قِبَلِ الرَّضِيعِ إلَّا إلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ مِنْ الذُّكْرَانِ وَالْإِنَاثِ خَاصَّةً فَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ ابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّ ابْنِهِ وَإِنْ عَلَتْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ إذْ لَا حُرْمَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِخِلَافِ النَّسَبِ اهـ فَالْمُنَاسِبُ لَا أُمَّ أَخِيك بِلَا النَّافِيَةِ عِوَضُ إلَّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بُنَانِيٌّ ابْنُ عَاشِرٍ زِيَادَةٌ مِنْ الرَّضَاعِ مُضِرَّةٌ بَلْ مُخِلَّةٌ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّ مُوجِبَ الْحُرْمَةِ اللَّازِمُ لِهَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ حَيْثُ يُفْرَضْنَ فِي النَّسَبِ قَدْ يُوجَدُ إذَا فُرِضْنَ فِي الرَّضَاعِ، وَقَدْ يَنْتَفِي فَإِنَّ جَدَّةَ وَلَدِك نَسَبًا حَرَامٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أُمُّك أَوْ أُمُّ زَوْجَتِك وَجَدَّةُ وَلَدِك رَضَاعًا إمَّا أُمُّك مِنْ الرَّضَاعِ فَتَحْرُمُ كَالنَّسَبِ وَإِمَّا أُمُّ أَجْنَبِيَّةٍ أَرْضَعَتْ وَلَدَك فَلَا تَحْرُمُ فَقَدْ جُعِلَ الْمُنْتَفَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ مُوجِبُ الْحُرْمَةِ اللَّازِمُ لَهَا حَيْثُ تُفْرَضُ فِي النَّسَبِ وَلَمْ يُجْعَلْ الْمُنْتَفَى هُوَ الْحُرْمَةُ مِنْ الرَّضَاعِ اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute