بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَإِنْ بِمُعَاطَاةٍ
ــ
[منح الجليل]
ظَاهِرٌ فِيمَا عَدَا الْإِقَالَةِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فَتُرَدُّ عَلَيْهِ كَبَعْضِ مَسَائِلِ الصُّلْحِ الَّتِي أَوْرَدَهَا الْحَطّ عَلَى هَذَا الْحَدِّ وَقَوْلُهُ مُعَيَّنِ غَيْرِ الْعَيْنِ فِيهِ إضَافَةُ غَيْرِ لِلْعُمُومِ أَيْ مُعَيَّنٌ فِيهِ كُلُّ مَا غَايَرَ الْمُعَيَّنَ وَأَرَادَ بِالْعَيْنِ الْمَسْكُوكَ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَلَا تَرِدُ عَلَيْهِ صُورَةُ سَلَمٍ عَرَضَ فِي آخَرَ وَلَا صُورَةُ دَفْعٍ عَرَضَ فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ غَيْرِ مَسْكُوكٍ لِأَجَلٍ وَهِيَ سَلَمٌ لَا بَيْعٌ لِأَجَلٍ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَسْكُوكِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَرَضٌ لَا عَيْنٌ؛ لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْمَسْكُوكِ فَصَدَقَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهِ غَيْرُ الْعَيْنِ خِلَافًا لِلْحَطِّ وَقَوْلُهُ فَتَخْرُجُ الْأَرْبَعَةُ أَيْ تَخْرُجُ هِبَةُ الثَّوَابِ بِقَوْلِهِ ذُو مُكَايَسَةٍ أَيْ مُغَالَبَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْوَاهِبِ بِقَبُولِ مَا يُبَاعُ بِهِ الْمَوْهُوبُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَلَا مُكَايَسَةَ فِيهَا، وَخَرَجَ الصَّرْفُ وَالْمُرَاطَلَةُ وَالْمُبَادَلَةُ بِقَوْلِهِ أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ إذْ عِوَضَا الصَّرْفِ أَحَدُهُمَا ذَهَبٌ وَالْآخَرُ فِضَّةٌ، وَعِوَضَا الْمُرَاطَلَةِ وَالْمُبَادَلَةِ ذَهَبَانِ أَوْ فِضَّتَانِ، وَخَرَجَ السَّلَمُ بِقَوْلِهِ مُعَيَّنِ غَيْرِ الْعَيْنِ فِيهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَيْنِ فِي السَّلَمِ هُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ.
وَمِنْ شُرُوطِهِ كَوْنُهُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ مَا لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ حَاضِرًا كَانَ أَوْ غَائِبًا فَشَمِلَ بَيْعَ الْمُعَيَّنِ لِلْغَائِبِ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ شَرْطِ خِيَارٍ بِالرُّؤْيَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْجَوَازُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] وَلِخَبَرِ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ «أَفْضَلُ الْكَسْبِ بَيْعٌ مَبْرُورٌ وَعَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ» وَقَدْ يَعْرِضُ وُجُوبُهُ كَبَيْعِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِمُضْطَرٍّ إلَيْهِ وَنَدَبَهُ لِمُقْسَمٍ عَلَيْهِ فِيمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ إبْرَارَ الْقَسَمِ مَنْدُوبٌ وَكَرَاهَتَهُ كَبَيْعِ هِرٍّ أَوْ سَبُعٍ لِلَحْمِهِ وَتَحْرِيمِهِ لِفَقْدِ شَرْطِهِ أَوْ وُجُودِ مَانِعِهِ، وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهِ التَّوَصُّلُ إلَى مَا فِي يَدِ الْغَيْرِ بِرِضَاهُ فَيَنْسَدُّ أَبْوَابُ الْمُنَازَعَةِ وَالْمُقَاتَلَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالْخِيَانَةِ وَالْخِدَاعِ وَالْحِيَلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَصِلَةُ يَنْعَقِدُ (بِمَا) أَيْ كُلِّ شَيْءٍ (يَدُلُّ) دَلَالَةً عَادِيَّةً (عَلَى الرِّضَا) بِخُرُوجِ الْمُثَمَّنِ مِنْ مِلْكِ بَائِعِهِ وَدُخُولِهِ فِي مِلْكِ مُشْتَرِيهِ فِي نَظِيرِ الثَّمَنِ وَخُرُوجِ الثَّمَنِ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ فِي نَظِيرِ الْمُثَمَّنِ سَوَاءٌ كَانَ قَوْلًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ فِعْلًا كَذَلِكَ أَوْ قَوْلًا مِنْ أَحَدِهِمَا وَفِعْلًا مِنْ الْآخَرِ غَيْرَ مُعَاطَاةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مُصَوَّرًا (بِمُعَاطَاةٍ) بِأَنْ يُعْطِيَ الْبَائِعُ الْمُثَمَّنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute