خَلِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَالِكِيُّ: الْحَمْدُ لِلَّهِ
ــ
[منح الجليل]
وَهَذَا شَأْنُ الْأَوْلِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ مِنْ نِسْبَةِ التَّقْصِيرِ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنْفُسِهِمْ امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: ٣٢] ، وَتَأَسِّيًا بِأَشْرَفِ الْمَخْلُوقِينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَكَ «لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» .
(خَلِيلُ) أَصْلُهُ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ الْخُلَّةِ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ صَفَاءِ الْمَوَدَّةِ، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فَهُوَ عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنْهَا (ابْنُ إِسْحَاقَ) نَعْتُ " خَلِيلُ " لِتَأَوُّلِهِ بِالْمَنْسُوبِ بِالْبُنُوَّةِ لِإِسْحَاقَ (الْمَالِكِيُّ) أَيْ الْمَنْسُوبُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِتَعَبُّدِهِ عَلَى مَذْهَبِهِ وَاشْتِغَالِهِ بِهِ تَعَلُّمًا وَتَعْلِيمًا نَعْتٌ ثَانٍ لِخَلِيلٍ لَا لِإِسْحَاقَ؛ لِأَنَّهُ حَنَفِيٌّ. وَشُغِلَ خَلِيلٌ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِمَحَبَّتِهِ فِي شَيْخَيْهِ سَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ وَسَيِّدِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ قِيلَ: مَكَثَ الْمُصَنِّفُ فِي تَأْلِيفِ الْمُخْتَصَرِ عِشْرِينَ سَنَةً وَبَيَّضَهُ إلَى النِّكَاحِ، وَوُجِدَ بَاقِيهِ فِي أَوَرَاقِ مُسَوَّدَةٍ فَجَمَعَهُ أَصْحَابُهُ وَأَلَّفَ بَهْرَامُ بَابَ الْمُقَاصَّةِ مِنْهُ وَكَمَّلَ الْأَقْفَهْسِيُّ جُمْلَةً يَسِيرَةً تَرَكَ الْمُصَنِّفُ لَهُمَا بَيَاضًا.
وَأَلَّفَ الْمُصَنِّفُ شَرْحَهُ التَّوْضِيحَ عَلَى مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْفِقْهِيِّ قِيلَ وَبِهِ عُرِفَ فَضْلُهُ وَمَكَثَ بِمِصْرَ عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ يَرَ النِّيلَ وَكَانَ يَلْبَسُ لُبْسَ الْجُنْدِ الْمُتَقَشِّفِينَ وَسَمَّى نَفْسَهُ فِي مَبْدَأِ كِتَابِهِ لِلتَّرْغِيبِ فِيهِ، وَالْوُثُوقِ بِهِ كَمَا هِيَ عَادَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ نُصْحًا لِلْمُتَأَخِّرِينَ بَلْ وَجَرَتْ عَادَتُهُمْ بِهَذَا فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ فَفِي الْبَيَانِ لِابْنِ رُشْدٍ أَوَّلَ كُلِّ مَسْأَلَةٍ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ: بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَحْصِيلُهَا كَذَا، وَكَذَا الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي تَأْلِيفِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ عِيَاضٌ: الْحُكْمُ كَذَا.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ) مَفْعُولُ " يَقُولُ " وَكَذَا مَا بَعْدَهُ إلَى قَوْلِهِ فَلَا إشْكَالَ، وَهَلْ مَحَلُّ النَّصْبِ لِلْمَجْمُوعِ وَلِكُلِّ جُمْلَةٍ؟ خِلَافٌ، وَالْحَمْدُ لُغَةً الْوَصْفُ بِجَمِيلٍ لِأَجْلِ اتِّصَافِ الْمَوْصُوفِ بِوَصْفٍ جَمِيلٍ غَيْرِ طَبِيعِيٍّ إنْعَامًا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ مَعَ قَصْدِ الْوَاصِفِ تَعْظِيمَ الْمَوْصُوفِ وَعُرْفًا أَمْرٌ دَالٌّ عَلَى تَعْظِيمِ مُنْعِمٍ وَهَذَا هُوَ الشُّكْرُ لُغَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute