للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلُزُومِهِ تَكْلِيفٌ

، لَا إنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ جَبْرًا حَرَامًا

ــ

[منح الجليل]

بِخِلَافِ جِنَايَاتِهِ وَعِتْقِهِ وَطَلَاقِهِ وَحُدُودِهِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَهُ مَعَ شِدَّةِ حِرْصِ النَّاسِ عَلَى أَخْذِ مَا بِيَدِهِ وَكَثْرَةِ وُقُوعِ بَيْعِهِ وَنَحْوِهِ لَأَدَّى إلَى أَنَّهُ لَا يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ، وَلَوْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْجِنَايَاتُ وَنَحْوُهَا لَتَسَاكَرَ النَّاسُ وَأَتْلَفُوا الْأَمْوَالَ وَالْأَنْفُسَ وَغَيْرَهَا.

(وَ) شَرْطُ (لُزُومِهِ) أَيْ الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (تَكْلِيفٌ) أَيْ بُلُوغُهُ وَعَقْلُهُ فِي بَيْعِ مِلْكِ نَفْسِهِ، وَأَمَّا فِي بَيْعِ مِلْكِ غَيْرِهِ وَكَالَةً فَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ وَفِي كَلَامِهِ حَذْفٌ أَيْ وَرُشْدٌ وَطَوْعٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْحَجْرِ، وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ وَهُوَ شَامِلٌ لِلسَّفِيهِ، وَقَوْلُهُ لَا إنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ جَبْرًا حَرَامًا " غ " لَوْ قَالَ وَلُزُومُهُ رُشْدٍ لَكَانَ أَوْلَى أَيْ لِاسْتِلْزَامِ الرُّشْدِ التَّكْلِيفَ

(لَا) يَلْزَمُ الْبَيْعُ الْبَائِعَ وَلَا الْمُشْتَرِيَ (إنْ أُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْبَيْعِ (جَبْرًا حَرَامًا) إجْمَاعًا أَبُو عَلِيٍّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَبْرِ عَلَى الشِّرَاءِ وَالْجَبْرِ عَلَى الْبَيْعِ اهـ. قُلْت هُمَا مُتَلَازِمَانِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ الْجَبْرِ عَلَى بَيْعِ السِّلْعَةِ الْجَبْرُ عَلَى شِرَاءِ ثَمَنِهَا، وَمِنْ الْجَبْرِ عَلَى شِرَائِهَا الْجَبْرُ عَلَى بَيْعِ ثَمَنِهَا فَلَا وَجْهَ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا. وَفِي الْمِعْيَارِ عَنْ الْقَلْشَانِيِّ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلَعًا يَدْفَعُهَا فِي مَظْلِمَةٍ وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ بِضَغْطِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْمَضْغُوطِ. قَالَ وَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهَا بِالثَّمَنِ أَوْ بِأَعْيَانِهَا إنْ وُجِدَتْ عِنْدَ الضَّاغِطِ، قَالَ وَلَمْ أَرَهَا مَنْصُوصَةً. وَأَمَّا إنْ أُجْبِرَ عَلَى سَبَبِهِ وَهُوَ طَلَبُ مَالٍ ظُلْمًا فَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ لُزُومِهِ أَيْضًا. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يَلْزَمُ وَبِهِ أَفْتَى اللَّخْمِيُّ وَلِلسُّيُورِيِّ وَاسْتَحْسَنَهُ حُذَّاقُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ هِلَالٍ وَالْعَقَبَانِيُّ وَالسَّرَقُسْطِيُّ وَالْقِشْتَالِيُّ قَاضِي فَاسَ نَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ، وَنَقَلَ الْقَصَّارُ عَنْ الْمَاوِسِيِّ مُفْتِي فَاسَ أَنَّهُ جَرَى بِهِ الْحُكْمُ فِي مَدِينَةِ فَاسَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْ سَنَةٍ. وَفِي الْعَمَلِيَّاتِ وَبَيْعُ مَضْغُوطٍ لَهُ نُفُوذٌ إلَخْ. وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ جَبْرًا حَرَامًا مِنْ الْجَبْرِ الشَّرْعِيِّ كَجَبْرِ الْقَاضِي الْمِدْيَانِ عَلَى الْبَيْعِ لِوَفَاءِ الْغُرَمَاءِ أَوْ الْمُنْفِقِ لِلنَّفَقَةِ أَوْ مُلْتَزِمِ الْإِقْلِيمِ أَوْ الْبَلَدِ بِمَالٍ فَيَعْجِزُ عَنْهُ فَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ لِذَلِكَ أَوْ لِلْجِزْيَةِ أَوْ الْخَرَاجِ الْحَقِّ فَهُوَ لَازِمٌ، وَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَكَالْجَبْرِ عَلَى بَيْعِ الْأَرْضِ لِتَوْسِعَةِ الْجَامِعِ أَوْ الْمَقْبَرَةِ أَوْ الطَّرِيقِ وَالطَّعَامِ الْمُحْتَاجِ لَهُ وَالْكَافِرِ عَلَى بَيْعِ عَبْدِ الْمُسْلِمِ أَوْ الصَّغِيرِ أَوْ الْمُصْحَفِ الَّذِي فِي مِلْكِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>