كَمُسْتَأْجَرٍ، وَعَارِيَّةٍ وَمَغْصُوبٍ، وَإِنْ صِيغَ إلَّا أَنْ يَذْهَبَ فَيَضْمَنَ قِيمَتَهُ: فَكَالدَّيْنِ
ــ
[منح الجليل]
الْحَطّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَسْكُوكَيْنِ لَا فِي الْمَصُوغَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْخِلَافُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْجَوَاهِرِ. وَمَفْهُومُ غَابَ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ الرَّهْنُ أَوْ الْوَدِيعَةُ جَازَ صَرْفُهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ لِعَدَمِ التَّأْخِيرِ. اللَّخْمِيُّ لَوْ شَرَطَ الْمُبْتَاعُ أَنَّ ضَمَانَ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَصِلَ إلَى مَحَلِّهَا فَلَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ وَقَبِلَهُ سَنَدٌ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ أَنَّهَا فِي ضَمَانِ الْمُبْتَاعِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ جَازَ اتِّفَاقًا، وَاعْتَرَضَهُ سَنَدٌ قَائِلًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَشَبَّهَ فِي مَنْعِ الصَّرْفِ مَعَ الْغَيْبَةِ فَقَالَ (كَ) صَرْفِ حُلِيِّ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (مُسْتَأْجَرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَعَارِيَّةٍ) أَيْ أَوْ مُعَارٍ فَيَحْرُمُ صَرْفُهُمَا غَائِبَيْنِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ (وَ) كَصَرْفِ نَقْدٍ غَائِبٍ (مَغْصُوبٍ) مِنْ مَالِكِهِ سَوَاءٌ صَرَفَهُ غَاصِبُهُ أَوْ غَيْرُهُ فَيَحْرُمُ (إنْ) كَانَ قَدْ (صِيغَ) الْمَغْصُوبُ لِاحْتِمَالِ هَلَاكِهِ وَلُزُومِ قِيمَتِهِ الْغَاصِبَ لِالْتِحَاقِهِ بِالْمُقَوَّمِ بِصِيَاغَتِهِ، وَصَرْفُهُ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، فَأَدَّى صَرْفُهُ فِي غَيْبَتِهِ لِاحْتِمَالِ رِبَا الْفَضْلِ وَهُوَ كَتَحَقُّقِهِ، فَإِنْ حَضَرَ الْمَغْصُوبُ جَازَ صَرْفُهُ لِغَاصِبِهِ كَغَيْرِهِ إنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا بِهِ وَتَنَالُهُ الْأَحْكَامُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَمَفْهُومُ إنْ صِيغَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَسْكُوكًا أَوْ تِبْرًا أَوْ نَحْوَهُمَا مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَيَجُوزُ صَرْفُهُ غَائِبًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لِتَرَتُّبِ مِثْلِهِ فِي ذِمَّةِ غَاصِبِهِ بِمُجَرَّدِ غَصْبِهِ حَالًّا، وَصَرْفُ مَا فِي الذِّمَّةِ الْحَالِّ جَائِزٌ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ وَإِلَّا فَهِيَ كَالْمَصُوغِ الَّذِي يَمْتَنِعُ صَرْفُهُ فِي غَيْبَتِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
(إلَّا أَنْ يَذْهَبَ) أَيْ يَخْرُجَ الْمَغْصُوبُ الْمَصُوغُ مِنْ يَدِ غَاصِبِهِ بِتَلَفٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَيَضْمَنَ) الْغَاصِبُ (قِيمَتَهُ) حَالَّةً (فَ) هِيَ (كَالدَّيْنِ) الْحَالِّ فِي جَوَازِ الصَّرْفِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الْقِيمَةِ إذَا ذَهَبَ الْمَصُوغُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ إذَا صِيغَ صَارَ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ وَمُقَابِلُهُ يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ فَتَصِحُّ مُصَارَفَةُ وَزْنِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَإِنْ تَعَيَّبَ الْمَغْصُوبُ بِعَيْبٍ يُوجِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute