فِي بَيْعٍ؛ وَسُكَّا،
ــ
[منح الجليل]
ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ حَيْثُ لَا فُلُوسَ، وَمَنَعَهُ فِي بَلَدٍ فِيهِ فُلُوسٌ، هَذَا طَرِيقُ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ، وَجَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ فِي بَلَدٍ فِيهِ الْفُلُوسُ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَذَكَرُوا لِلْجَوَازِ شُرُوطًا، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ غَالِبَهَا
الْأَوَّلُ كَوْنُهُ فِي دِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَلَوْ اشْتَرَى بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ دِرْهَمَيْنِ وَيَأْخُذَ نِصْفًا. وَإِنْ اشْتَرَى بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ ثَلَاثَةً وَيَأْخُذَ نِصْفًا، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ الْقَبَّابُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الدِّرْهَمِ الْوَاحِدِ احْتِرَازًا مِنْ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ كَبِيرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَيَسْتَرِدَّ دِرْهَمًا صَغِيرًا فَيَرْجِعَ إلَى أَصْلِ الْمَنْعِ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَنَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ، وَهَذَا الشَّرْطُ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ دِرْهَمٍ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ حُكْمٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الرَّدُّ فِي الدُّنْيَا وَهَذَا هُوَ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ. ابْنُ نَاجِي وَالْمَعْرُوفُ مَنْعُ رَدِّ الذَّهَبِ فِي مِثْلِهِ، وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ الرَّدِّ فِيهِ وَلَمْ يُوجَدْ لِغَيْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ عَقِبَ نَقْلِ مَنْعِ الرَّدِّ فِي الدِّينَارِ. وَقُلْت نَقْلُ بَعْضِهِمْ جَوَازَهُ فِيهِ لَا أَعْرِفُهُ وَأَفْتَى بَعْضُ عُدُولِ بَلَدِنَا الْمُدَرِّسِينَ بِجَوَازِهِ فِيهِ فَبَعَثَ إلَيْهِ الْقَاضِي ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَنْكَرَ فَتْوَاهُ بِهِ. الشَّرْطُ الثَّانِي: كَوْنُ الْمَرْدُودِ نِصْفًا فَأَقَلَّ فَلَا يَجُوزُ رَدًّا أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَقَوْلُهَا وَإِنْ أَخَذْت بِثُلُثِهِ أَيْ الدِّرْهَمِ طَعَامًا وَبَاقِيهِ فِضَّةً فَمَكْرُوهٌ اهـ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَيْ حَرَامٌ، وَفِي الْأُمَّهَاتِ لَا يَجُوزُ، وَأَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بِنِصْفٍ. الثَّالِثُ كَوْنُهُ: (فِي بَيْعٍ) أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ إجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ فَلَا يَجُوزُ فِي هِبَةٍ وَلَا صَدَقَةٍ وَلَا قَرْضٍ. الْقَبَّابُ إنَّمَا يَجُوزُ الرَّدُّ فِي الْكِرَاءِ وَالْإِجَارَةِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ نَعْلَهُ أَوْ دَلْوَهُ لِمَنْ يَخْرِزُهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ دِرْهَمًا كَبِيرًا، وَيَرُدَّ إلَيْهِ الْعَامِلُ دِرْهَمًا صَغِيرًا وَيَتْرُكَ عِنْدَهُ شَيْئًا حَتَّى يَصْنَعَهُ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ إنْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ. الرَّابِعُ قَوْلُهُ: (وَسُكَّا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْكَافِ أَيْ الدِّرْهَمُ وَالنِّصْفُ، فَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ مَسْكُوكَيْنِ وَلَا فِي مَسْكُوكٍ وَغَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute