وَكَالنَّجْشِ يَزِيدُ لِيَغُرَّ؛.
ــ
[منح الجليل]
إسْقَاطُ الشَّرْطِ لِأَنَّهَا يَمِينٌ لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ، وَإِلَّا شَرَطَ الْخِيَارَ إلَى أَمَدٍ بَعِيدٍ فَيُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَوْ تَرَكَ الشَّرْطَ لِأَنَّهُ يُعَدُّ اخْتِيَارًا لَا تَرْكًا لَهُ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا الْقِسْمِ بِقَوْلِهِ وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ يُنَاقِضُ إلَخْ.
الْقِسْمُ الرَّابِعُ: شَرْطٌ غَيْرُ صَحِيحٍ إلَّا أَنَّهُ خَفِيفٌ لَا يَحِلُّ بِالثَّمَنِ فَيَصِحُّ مَعَهُ الْبَيْعُ وَيُلْغَى الشَّرْطُ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِ فِي فَصْلِ التَّنَاوُلِ كَمُشْتَرِطِ زَكَاةِ مَا لَمْ يَطِبْ وَأَنْ لَا عُهْدَةَ وَلَا مُوَاضَعَةَ إلَخْ، هَذَا تَفْصِيلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ. وَذَهَبَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى تَحْرِيمِهِ مُطْلَقًا لِمَا وَرَدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» . وَذَهَبَ الْإِمَامُ ابْنُ شُبْرُمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى جَوَازِهِ مُطْلَقًا عَمَلًا بِمَا فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بَاعَ نَاقَةً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَرَطَ حِلَابَهَا وَظَهْرَهَا إلَى الْمَدِينَةِ» ، وَذَهَبَ الْإِمَامُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إلَى بُطْلَانِ الشَّرْطِ وَصِحَّةِ الْبَيْعِ لِحَدِيثِ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ وَأَعْتِقَهَا وَإِنْ شَرَطَ أَهْلُهَا الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ» ، فَجَازَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ، وَعَرَفَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْأَحَادِيثَ كُلَّهَا وَاسْتَعْمَلَهَا فِي مَوَاضِعِهَا وَتَأَوَّلَهَا عَلَى وَجْهِهَا وَلَمْ يُمْعِنْ غَيْرُهُ النَّظَرَ وَلَمْ يُحْسِنْ التَّأْوِيلَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ.
(وَكَ) بَيْعِ (النَّجْشِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ فَشِينٌ مُعْجَمَةٌ، وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ (يَزِيدُ) فِي سَوْمِ سِلْعَةٍ وَهُوَ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا (لِيَغُرَّ) أَيْ يَخْدَعَ غَيْرَهُ فَيَقْتَدِي بِهِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى ثَمَنِهَا الَّذِي تُبَاعُ بِهِ عَادَةً، أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِ النَّاجِشُ هُوَ الَّذِي يَزِيدُ فِي سِلْعَةٍ لِيَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُهُ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُوَطَّإِ وَالنَّجْشُ أَنْ تُعْطِيَهُ فِي سِلْعَةٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا وَلَيْسَ فِي نَفْسِك اشْتِرَاؤُهَا لِيَقْتَدِيَ بِك غَيْرُك. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ الْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ إنْ بَلَّغَهَا النَّاجِشُ قِيمَتَهَا وَرَفَعَ الْغَبَنَ عَنْ صَاحِبِهَا فَهُوَ مَأْجُورٌ وَلَا خِيَارَ لِمُبْتَاعِهَا. وَمَفْهُومُ يَزِيدُ أَنَّ اسْتِفْتَاحَ الثَّمَنِ لِلدَّلَّالِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute