للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَبَيْعِ حَاضِرٍ لِعَمُودِيٍّ.

ــ

[منح الجليل]

ابْنُ عَرَفَةَ فِي إجَازَتِهِ الدِّينَارَ نَظَرٌ لِأَنَّ إعْطَاءَهُ لَيْسَ عَلَى الْكَفِّ لِذَاتِهِ بَلْ لِرَجَاءِ حُصُولِ السِّلْعَةِ وَقَدْ لَا تَحْصُلُ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ إنَّمَا يَجُوزُ فِي الْوَاحِدِ إنْ كَانَ التَّرْكُ تَفَضُّلًا وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَهَا مَجَّانًا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ دُلْسَةٌ مَنَعَهُ بِالدِّينَارِ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ اهـ.

قُلْت: قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الدُّلْسَةَ فِي الشَّرِكَةِ مُحَقِّقَةٌ لِجَعْلِهِ ذَلِكَ عَقْدًا لِلشَّرِكَةِ، بِخِلَافِ الدِّينَارِ فَلَا دُلْسَةَ فِيهِ تَتَعَلَّقُ بِالْمَبِيعِ لِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ الْآنَ مَعَهُ اهـ عب. غ اسْتَشْكَلَ ابْنُ هِلَالٍ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ بِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَلَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَبِعْهَا رَبُّهَا. وَقَالَ الْعَبْدُوسِيُّ: لَا إشْكَالَ فِيهِ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَلَى تَرْكٍ وَقَدْ تَرَكَ. (وَكَبَيْعِ) شَخْصٍ (حَاضِرٍ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ سَاكِنٍ حَاضِرَةً ضِدَّ الْبَادِيَةِ أَيْ مَدَنِيٍّ فِي حَاضِرَتِهِ سِلْعَةً مَمْلُوكَةً (لِ) شَخْصٍ (عَمُودِيٍّ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ نِسْبَةً لِلْعَمُودِ لِنَصْبِ بَيْتِهِ مِنْ نَحْوِ الشَّعْرِ عَلَيْهِ أَيْ سَاكِنٍ بَادِيَةً، وَقَيَّدَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِمَا لَا ثَمَنَ لَهُ فِي الْبَادِيَةِ وَنَقَلَهُ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاعْتَمَدَهُ س وعج وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا الْمُوَضِّحُ وَلَا الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ وَلَا فِي شَامِلِهِ، وَلَا صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَلَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ وَقَفْت عَلَيْهِ وَإِطْبَاقُهُمْ عَلَى تَرْكِهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ اعْتِمَادِهِ.

وَيُؤَيِّدُهُ ذِكْرُهُمْ الْخِلَافَ فِي بَيْعِ الْبَلَدِيِّ لِلْبَلَدِيِّ، فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ لَا يَبِعْ مَدَنِيٌّ لِمِصْرِيٍّ وَلَا مِصْرِيٌّ لِمَدَنِيٍّ. وَحَمَلَ الْمَازِرِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى وُرُودِ أَحَدِهِمَا عَلَى بَلَدٍ وَهُوَ جَاهِلٌ بِأَسْعَارِهِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ غَبْنُهُ وَيَنْتَفِعُ أَهْلُ الْبَلَدِ بِالشِّرَاءِ مِنْهُ مَعَ رِبْحِهِ فِي الْغَالِبِ فِيمَا أَتَى بِهِ فَلَمْ يُمْنَعْ اسْتِرْخَاصُهُ قَالَهُ طفي. الْبُنَانِيُّ كَلَامُ الْبَاجِيَّ فِي الْمُنْتَقَى ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ، وَنَصُّهُ وَالْأَصْلُ فِي النَّهْيِ عَنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» ، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ الْأَسْعَارَ فَيُوشِكُ إذَا تَنَاوَلُوا الْبَيْعَ لِأَنْفُسِهِمْ اسْتَرْخَصَ مَا يَبِيعُونَ لِأَنَّ أَكْثَرَهُ لَا رَأْسَ مَالٍ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرُوهُ، وَإِنَّمَا صَارَ لَهُمْ بِالِاسْتِغْلَالِ، فَالرِّفْقُ بِمَنْ يَشْتَرِيهِ أَوْلَى مَعَ أَنَّ أَهْلَ الْحَوَاضِرِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ مَوَاضِعُ الْأَئِمَّةِ، فَيَلْزَمُ الِاحْتِيَاطُ لَهَا وَالرِّفْقُ بِمَنْ يَسْكُنُهَا. اهـ. فَقَوْلُهُ أَكْثَرَهُ لَا رَأْسَ مَالٍ لَهُمْ فِيهِ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ، بَلْ صَرِيحٌ فِي الْإِطْلَاقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>