وَجَازَ الشِّرَاءُ لَهُ، وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ أَوْ صَاحِبِهَا: كَأَخْذِهَا فِي الْبَلَدِ بِصِفَةٍ وَلَا يُفْسَخُ.
ــ
[منح الجليل]
وَجَازَ) لِلْحَاضِرِ (الشِّرَاءُ لَهُ) أَيْ الْعَمُودِيِّ بِالنَّقْدِ لَا بِالسِّلَعِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَهَا، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ قَالَهُ الْبُنَانِيُّ. تت هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَعَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَيْضًا الشِّرَاءُ كَالْبَيْعِ (وَكَتَلَقِّي) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَاللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَلَدِ لِشِرَاءِ (السِّلَعِ) الْمَجْلُوبَةِ إلَيْهِ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى سُوقِهَا الَّذِي تُبَاعُ بِهِ عَادَةً لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «كُنَّا نَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ نَشْتَرِي مِنْهَا الطَّعَامَ فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ابْنُ رُشْدٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ حَتَّى يَهْبِطَ إلَى الْأَسْوَاقِ» فَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْحَاضِرَةِ إلَى الْجَلَائِبِ الَّتِي تُسَاقُ إلَيْهَا فَيَشْتَرِي مِنْهَا ضَحَايَا وَلَا مَا يُؤْكَلُ وَلَا لِتِجَارَةٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ فِي حَدِّهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مِيلٌ وَفَرْسَخَانِ وَيَوْمَانِ، وَقَالَ الْبَاجِيَّ: لَا حَدَّ لَهُ فَيُمْنَعُ فِيمَا بَعُدَ وَفِيمَا قَرُبَ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ. (أَوْ) تَلَقِّي (صَاحِبِهَا) أَيْ السِّلَعِ قَبْلَ وُصُولِهِ الْبَلَدَ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ مَا وَصَلَ قَبْلَهُ أَوْ يَصِلُ بَعْدَهُ عَلَى الصِّفَةِ لِنَصِّ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى أَنَّهُ مِنْ التَّلَقِّي فِي الثَّانِيَةِ، وَقَالَ الْبَاجِيَّ فِي الْأُولَى: لَمْ أَرَ فِيهَا نَصًّا، وَعِنْدِي أَنَّهَا مِنْ التَّلَقِّي.
وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَأَخْذِهَا) أَيْ شِرَاءِ السِّلَعِ مِنْ صَاحِبِهَا الْمُقِيمِ بِالْبَلَدِ أَوْ الْقَادِمِ عَلَيْهِ (فِي الْبَلَدِ) قَبْلَ وُصُولِ السِّلَعِ لَهُ أَوْ لِسُوقِهَا إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ وَيَكُونُ أَخْذُهَا (بِصِفَةٍ) مِنْ بَائِعِهَا أَوْ فِي بَرْنَامَجٍ، أَوْ بِشَرْطِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي بِرُؤْيَتِهَا. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُوقٌ جَازَ شِرَاؤُهَا بَعْدَ وُصُولِهَا الْبَلَدَ وَلَوْ قَبْلَ مُرُورِهَا عَلَى بَيْتِهِ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ النَّهْيُ عَنْ التَّلَقِّي تَعَبُّدٌ أَوْ مَعْقُولُ الْمَعْنَى، وَعَلَى هَذَا فَهَلْ لِحَقِّ أَهْلِ الْبَلَدِ وَهُوَ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَوْ الْجَالِبِ وَهُوَ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَوْ لَهُمَا وَهُوَ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَ) إنْ تَلَقَّى السِّلَعَ أَوْ صَاحِبَهَا أَوْ أَخَذَهَا فِي الْبَلَدِ بِصِفَةٍ فَ (لَا يُفْسَخُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْبَيْعُ لِصِحَّتِهِ، وَهَلْ يَخْتَصُّ بِهَا، وَشَهَرَهُ الْمَازِرِيُّ، أَوْ يُشَارِكُهُ مَنْ شَاءَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، وَشَهَرَهُ عِيَاضٌ رِوَايَتَانِ. وَرُوِيَ تُبَاعُ لَهُمْ، فَإِنْ خَسِرَ فَعَلَيْهِ وَإِنْ رَبِحَ فَلِلْجَمِيعِ.
وَقِيلَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute