(فَصْلٌ) وَمُنِعَ لِلتُّهْمَةِ مَا كَثُرَ قَصْدُهُ: كَبَيْعٍ، وَسَلَفٍ،.
وَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ.
ــ
[منح الجليل]
فِي نُسْخَةٍ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ زِيَادَةً لِأَجَلٍ بَعْدَ قَوْلِهِ عَاقِدَيْ الْأَوَّلِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْبَحْثُ. وَنَقَضَ الْوَانُّوغِيُّ أَيْضًا الْحَدَّ الْمَذْكُورَ بِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِثُبُوتِ الْمَحْدُودِ وَانْتِفَاءِ الْحَدِّ فِي مَسْأَلَةِ الْقِرَاضِ وَالشَّرِكَةِ إذَا بَاعَ الْعَامِلُ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ لِأَجَلٍ أَوْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا لَلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يَبْتَاعَهُ بِأَقَلَّ نَقْدًا حَسْبَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَكَذَا وَارِثُ الْبَائِعِ إذَا مَاتَ بِخِلَافِ مَوْتِ الْمُشْتَرِي فَيَجُوزُ لِلْبَائِعِ شِرَاءُ مَبِيعِهِ مِنْ وَارِثِهِ لِحُلُولِ دُيُونِ الْمُشْتَرِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ. قُلْتُ: يُجَابُ بِأَنَّ كَوْنَ الْبَيْعِ أَوَّلًا بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا مَعَ أَنَّهُ لَهُ حَقٌّ فِي الْمَبِيعِ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ مِنْهُ فَهُوَ مُتَكَرِّرٌ مِنْ عَاقِدَيْ الْأَوَّلِ حُكْمًا. وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِبَيَانِ مُوجِبِ فَسَادِ بُيُوعِ الْآجَالِ عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ فَقَالَ: (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ كُلُّ بَيْعٍ جَائِزٍ فِي الظَّاهِرِ مُؤَدٍّ إلَى مَمْنُوعٍ فِي الْبَاطِنِ كَثُرَ قَصْدُهُ فَيُمْنَعُ (لِلتُّهْمَةِ) لِعَاقِدَيْهِ عَلَى التَّوَصُّلِ بِهِ لَأَنْ يَحْصُلَ بَيْنَهُمَا (مَا) أَيْ مَمْنُوعٌ (كَثُرَ قَصْدُهُ) مِنْ النَّاسِ (كَبَيْعٍ وَ) شَرْطِ (سَلَفٍ) كَبَيْعِ شَيْئَيْنِ بِدِينَارٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ يَشْتَرِي الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَحَدَهُمَا بِدِينَارِ نَقْدٍ، وَقَاعِدَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْيَدِ ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهَا لَا يُعْتَبَرُ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ عَرْضٌ وَدِينَارٌ يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي إذَا حَلَّ الْأَجَلُ دِينَارَيْنِ، أَحَدُهُمَا: ثَمَنُ الْعَرْضِ، وَالْآخَرُ: قَضَاءٌ عَنْ الدِّينَارِ، فَيُتَّهَمَانِ عَلَى أَنَّهُمَا قَصَدَا الْجَمْعَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ بِشَرْطٍ، وَتَوَصَّلَا إلَى ذَلِكَ بِبَيْعِ الشَّيْئَيْنِ بِدِينَارَيْنِ لِأَجَلٍ، ثُمَّ شِرَاءُ أَحَدِهِمَا بِدِينَارٍ حَالٍّ لِجَوَازِ هَذَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ. الْحَطّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِ صَرِيحِ بَيْعٍ وَشَرْطِ سَلَفٍ، وَكَذَلِكَ مَا أَدَّى إلَيْهِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الظَّاهِرِ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي مَنْعِهِ، صَرَّحَ بِهَذَا ابْنُ بَشِيرٍ وَتَابِعُوهُ وَغَيْرُهُمْ. الْبُنَانِيُّ الصُّوَرُ ثَلَاثٌ بَيْعٌ وَسَلَفٌ بِشَرْطٍ وَلَوْ بِجَرَيَانِ الْعُرْفِ وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ لِلنَّهْيِ عَنْهَا بِقَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ وَبَيْعٍ وَسَلَفٍ بِلَا شَرْطٍ لَا صَرَاحَةً وَلَا حُكْمًا، وَهِيَ الَّتِي أَجَازُوهَا هُنَاكَ، وَتُهْمَةُ بَيْعٍ وَسَلَفٍ بِشَرْطٍ وَذَلِكَ حَيْثُ يَتَكَرَّرُ الْبَيْعُ وَهِيَ الَّتِي تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا هُنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute