أَوْ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك.
فَمَنْ بَاعَ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ مِنْ عَيْنٍ وَطَعَامٍ وَعَرْضٍ:.
ــ
[منح الجليل]
بَيِّنٌ فَإِنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ ذَلِكَ لِخَوْفٍ أَوْ غَرَرِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ الَّذِي يَبْعُدُ قَصْدُهُ جِدًّا بِقَوْلِهِ (أَوْ) كَ (أَسْلِفْنِي) بِفَتْحِ الْهَمْزِ (وَأُسْلِفُك) بِضَمِّهَا وَالنَّصْبُ بِأَنْ مُقَدَّرَةً بَعْدَ الْوَاوِ وُجُوبًا فِي جَوَابِ الْأَمْرِ أَوْ الرَّفْعُ أَيْ وَأَنَا أُسْلِفُك كَبَيْعِ شَيْءٍ بِدِينَارَيْنِ لِأَجَلٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ بِدِينَارٍ حَالٍّ وَدِينَارٍ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى دَفْعِ الْبَائِعُ دِينَارًا نَقْدًا وَأَخَذَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ دِينَارَيْنِ، أَحَدُهُمَا قَضَاءٌ عَنْ الدِّينَارِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي سَلَفٌ مِنْ الْمُشْتَرِي يَرُدُّهُ لَهُ الْبَائِعُ عِنْدَ الْأَجَلِ الثَّانِي، فَقَدْ أَسَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ اعْتِبَارِ هَذِهِ التُّهْمَةِ لِضَعْفِهَا بِقِلَّةِ قَصْدِهَا جِدًّا وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ اعْتِبَارُهَا، وَمُنِعَ مَا أَدَّى إلَيْهَا وَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك. وَبَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْعَادَةَ الْمُكَافَأَةُ بِالسَّلَفِ عَلَى السَّلَفِ فَقَصْدُهُ لَا بُعْدَ فِيهِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْعَادَةَ قَصْدُ السَّلَفِ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهِ وَأَمَّا الدُّخُولُ عَلَى أَنْ يُسْلِفَهُ الْآنَ لِيُسْلِفَهُ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا فَلَيْسَ مُعْتَادًا، فَقَصْدُهُ بَعِيدٌ، وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ بَدَلَ دَنَانِيرَ حَالَّةٍ بِدَنَانِيرَ أَقَلَّ مِنْهَا لِأَجَلٍ فَلَا تُعْتَبَرُ التُّهْمَةُ بِهِ لِبُعْدِهِ جِدًّا كَبَيْعِ شَيْءٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ لِأَجَلٍ وَشِرَائِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا حَالَّةً. .
وَلَمَّا بَيَّنَ مُوجِبَ مَنْعِ بُيُوعِ الْآجَالِ فَرَّعَ صُوَرَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ: (فَمَنْ بَاعَ) شَيْئًا مُعَيَّنًا مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ (لِأَجَلٍ) مَعْلُومٍ هَذَا شَرْطٌ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ، إذْ لَوْ كَانَ نَقْدًا لَانْتَفَتْ التُّهْمَةُ إلَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ الَّذِينَ يَتَحَيَّلُونَ عَلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ (ثُمَّ اشْتَرَاهُ) أَيْ الْبَائِعُ مَا بَاعَهُ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ فِيهَا أَيْضًا (بِجِنْسِ ثَمَنِهِ) الَّذِي بَاعَهُ بِهِ هَذَا شَرْطٌ فِيهَا أَيْضًا وَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (مِنْ عَيْنٍ) أَيْ نَقْدٍ مُتَّفَقٍ فِي الْبَيْعَتَيْنِ صِنْفًا وَصِفَةً (وَطَعَامٍ) مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فِيهِمَا وَصِفَتُهُ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (وَعَرْضٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ؛ كَذَلِكَ الْحَطّ وَالْقَصْدُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الَّتِي يَذْكُرُهَا الْآنَ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُوَافِقًا لِلْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَبَيْعِهِ بِدَرَاهِمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute