للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَحَّ أَوَّلُ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ فَقَطْ؛ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الثَّانِي فَيُفْسَخَانِ.

وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ؟ خِلَافٌ.

ــ

[منح الجليل]

وَصَحَّ) بَيْعُ (أَوَّلِ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ) الْوَاقِعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ كَبَيْعِ شَيْءٍ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَائِهِ بِخَمْسَةٍ نَقْدًا أَوْ لِنِصْفِهِ أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِشَهْرَيْنِ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ فَقَدْ صَحَّ بَيْعُهُ بِعَشَرَةٍ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ بَيْعِهِ الثَّانِي فَيُفْسَخُ لِأَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا جَاءَ مِنْهُ وَهُوَ دَائِرٌ مَعَهُ.

أَمَّا فَسْخُ الثَّانِي فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ بِاتِّفَاقٍ، وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ قَوْلًا ضَعِيفًا. وَأَمَّا عَدَمُ فَسْخِ الْأَوَّلِ فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: يُفْسَخُ الْبَيْعَانِ مَعًا إلَّا أَنْ يَصِحَّ أَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَامَلَا عَلَى الْعِينَةِ فَيَصِحُّ الْأَوَّلُ فَقَطْ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) مَبِيعُ الْبَيْعِ (الثَّانِي) بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَهُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ. ابْنُ رُشْدٍ اخْتَلَفَ فِيمَا تَفُوتُ بِهِ السِّلْعَةُ فَقِيلَ: تَفُوتُ بِحَوَالَةِ سُوقٍ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ إلَّا بِالْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ إذْ لَيْسَ هُوَ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ لِثَمَنٍ وَلَا مَثْمُونٍ، وَإِنَّمَا فَسْخٌ لِأَنَّهُمَا تَطَرَّقَا بِهِ إلَى اسْتِبَاحَةِ الرِّبَا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ. أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ (فَيُفْسَخَانِ) أَيْ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي لِسَرَيَانِ الْفَسَادِ مِنْ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ وَحِينَئِذٍ فَلَا طَلَبَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِرُجُوعِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا لِبَائِعِهِ، فَصَارَ ضَمَانُهُ مِنْهُ، وَسَقَطَ ثَمَنُهُ الْأَوَّلُ عَنْ مُشْتَرِيهِ الْأَوَّلِ لِرُجُوعِهِ لِبَائِعِهِ فَيَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهُ، وَسَقَطَ الثَّمَنُ الثَّانِي عَنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِفَسَادِ شِرَائِهِ بِاتِّفَاقٍ.

فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ اُعْتُبِرَ سَرَيَانُ الْفَسَادِ فِي فَوَاتِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي فَوَاتِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ. قُلْتُ: لِأَنَّ فَوَاتَهُ بِيَدِ الثَّانِي قَدْ حَصَلَ بَعْدَ تَقَوِّي الْبَيْعِ الثَّانِي بِالْقَبْضِ وَهُوَ الْفَاسِدُ، وَإِذَا فَاتَتْ بِيَدِ الْأَوَّلِ لَمْ يَحْصُلْ لِلثَّانِي قُوَّةٌ بِالْقَبْضِ فَضَعُفَ وَلَمْ يَمْضِ الْفَاسِدُ هُنَا بِالثَّمَنِ عَلَى قَاعِدَةِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِئَلَّا يَتِمَّ الرِّبَا بَيْنَهُمَا وَهُوَ دَفْعُ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ. .

(وَهَلْ) فَسْخُ الْبَيْعَيْنِ بِفَوَاتِ الثَّانِي (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِ الْقِيمَةِ فِي الثَّانِي بِكَوْنِهَا أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُمَا كَعَقْدٍ وَاحِدٍ لِارْتِبَاطِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ (أَوْ) إنَّمَا يُفْسَخُ الْأَوَّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>