وَكُرِهَ خُذْ بِمِائَةٍ مَا بِثَمَانِينَ، أَوْ اشْتَرِهَا وَيُومِئُ لِتَرْبِيحِهِ.
ــ
[منح الجليل]
أَهْلُ الْعِينَةِ، وَاَلَّذِي يَخْشَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي تَرَاوَضَا عَلَيْهِ وَقَصَدَا إلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ الطَّعَامَ عَلَى أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ بِدِينَارٍ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ وَيَكُونُ الْبَاقِي لَهُ بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا إلَى أَجَلٍ وَذَلِكَ غَرَرٌ إذْ لَا يَدْرِي مَا يَبْقَى لَهُ مِنْ الطَّعَامِ إذَا بَاعَ مِنْهُ بِدِينَارٍ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الدِّينَارَ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ، وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ الدِّينَارَ مِنْ عِنْدِهِ لِأَنَّهُ يَخْلُفُهُ مِنْ الطَّعَامِ يُرِيدُ أَنَّ التُّهْمَةَ لَا تَرْتَفِعُ عَنْهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لِلْبَيْعِ وَقَعَ عَلَى أَنْ يَنْقُدَهُ الدِّينَارَ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ فَلَا يُصْلِحُهُ دَفْعُهُ مِنْ عِنْدِهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا وَقَعَ عَلَى الصِّحَّةِ فَلَا يُفْسِدُهُ نَقْدُهُ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ. اهـ. وَإِذَا تَأَمَّلْتَ هَذِهِ النُّقُولَ عَلِمْتَ أَنَّ كَلَامَ عِيَاضٍ الْمَذْكُورَ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَأَنَّ تَقْدِيرَهُ مَا اُشْتُرِيَ بِثَمَنٍ بَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ وَبَعْضُهُ لِيُبَاعَ، فَقَوْلُهُ بِثَمَنٍ مُتَعَلِّقٌ بِ اُشْتُرِيَ لَا بِ يُبَاعَ فَهِيَ إذًا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى غَيْرُ مُفَرَّعَةٍ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ سِلْعَةٌ، وَقَدْ نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ عِيَاضٍ وَلَمْ يَزِدْ مَا بَعْدَهُ مِمَّا فِيهِ الْبَيَانُ لِمَا قَرَّرْنَا وَالظَّنُّ بِالْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَفْهَمُهَا عَلَى غَيْرِ مَا فَرَضَهَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ، فَهَذَا عَجِيبٌ فَتَدَبَّرْهُ، وَقَدْ نَقَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى مَا فَرَضَهَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ وَذَكَرَ نَصَّهُ فَانْظُرْهُ.
الْبُنَانِيُّ وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ عَلَى الْمُصَنِّفِ دَرْكًا مِنْ وَجْهَيْنِ تَفْرِيعِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ سِلْعَةٌ وَلَيْسَتْ مُفَرَّعَةً عَلَيْهَا وَأَنَّ هَذِهِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا اُشْتُرِيَ لِيُبَاعَ مِنْهُ لِلْحَاجَةِ وَقَدْ أَخَلَّ بِالْقَيْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
(وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ قَوْلُ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ سَلَفُ ثَمَانِينَ بِمِائَةٍ لِشَهْرٍ مَثَلًا (خُذْ) أَيْ اشْتَرِ مِنِّي (بِمِائَةٍ) إلَيْهِ (مَا) أَيْ شَيْئًا يُبَاعُ (بِثَمَانِينَ) نَقْدًا (أَوْ) قَوْلُ مَنْ طَلَبَ سِلْعَةً مِنْ إنْسَانٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ (اشْتَرِهَا) أَيْ السِّلْعَةَ الْمَطْلُوبَةَ (وَيُومِئُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ يُشِيرُ الطَّالِبُ (لِتَرْبِيحِهِ) أَيْ شِرَائِهَا مِنْ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ بِرِبْحٍ فِي الْبَيَانِ وَالْمَكْرُوهُ أَنْ يَقُولَ: أَعِنْدَك كَذَا، وَكَذَا تَبِيعُهُ مِنِّي بِدَيْنٍ فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ: ابْتَعْ ذَلِكَ وَأَنَا أَبْتَاعُهُ مِنْك بِدَيْنٍ وَأُرْبِحُك فِيهِ فَيَشْتَرِي ذَلِكَ ثُمَّ يَبِيعُهُ مِنْهُ عَلَى مَا تَوَاعَدَا عَلَيْهِ، وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الْمَكْرُوهُ أَنْ يَقُولَ: اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا وَأَنَا: أُرْبِحُك فِيهَا وَأَشْتَرِيهَا مِنْك مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرَاوِضَهُ عَلَى الرِّبْحِ اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute