وَبِخِلَافِ: اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا، إنْ نَقَدَ الْمَأْمُورُ بِشَرْطٍ، وَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ.
ــ
[منح الجليل]
وَبِخِلَافِ) قَوْلِ الْآمِرِ (اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا) فَيَمْتَنِعُ (إنْ نَقَدَ) أَيْ دَفَعَ (الْمَأْمُورُ) بِشِرَاءِ السِّلْعَةِ الْعَشَرَةِ لِبَائِعِهَا (بِشَرْطٍ) مِنْ الْآمِرِ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ الدِّرْهَمَيْنِ فِي نَظِيرِ تَسْلِيفِهِ لِلْعَشَرَةِ وَتَوَلِّيهِ الشِّرَاءَ لَهُ فَهِيَ إجَارَةٌ وَسَلَفٌ بِزِيَادَةٍ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ يَصِحُّ وَأَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ كَالنَّقْدِ بِشَرْطٍ، وَإِنْ وَقَعَ لَزِمَتْ الْآمِرَ بِالْعَشَرَةِ حَالَّةً لِقَوْلِهِ لِي وَيُفْسَخُ بَيْعُهَا لَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهَا لَهُ، وَقَوْلُهُ أَنَا أَشْتَرِيهَا مِنْك لَغْوٌ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ الْعُقْدَةَ لَهُ وَبِأَمْرِهِ فَإِنْ كَانَ النَّقْدُ مِنْ عِنْدِ الْآمِرِ أَوْ مِنْ عِنْدِ الْمَأْمُورِ بِغَيْرِ شَرْطٍ جَازَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ الْمَأْمُورِ بِشَرْطٍ فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ الدِّينَارَيْنِ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ السِّلْعَةَ وَيَنْقُدَ الثَّمَنَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. (وَلَهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ (الْأَقَلُّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ) فِي تَوَلِّيهِ الشِّرَاءَ نِيَابَةً عَنْ الْآمِرِ (أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ) اللَّذَيْنِ سَمَّاهُمَا لَهُ وَالْأَوْلَى وَالدِّرْهَمَيْنِ بِالْوَاوِ وَلِأَنَّ الْأَقَلِّيَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ. ابْنُ رُشْدٍ لِلْمَأْمُورِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ الدِّينَارَيْنِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِمَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ إذَا كَانَ مِنْ الْبَائِعِ وَفَاتَتْ السِّلْعَةُ أَنَّ لَهُ الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ وَإِنْ قَبَضَ السَّلَفَ، أَوْ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّ فِيهِ الْقِيمَةَ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ فَلِلْمَأْمُورِ هُنَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ.
وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الدِّينَارَيْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ لِأَنَّهُ إنْ أُعْطِيَ الْأُجْرَةَ كَانَتْ ثَمَنًا لِلتَّسْلِيفِ وَتَتْمِيمًا لِلرِّبَا، وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ إذَا عُثِرَ عَلَى الْآمِرِ بِحِدْثَانِهِ وَرُدَّ السَّلَفُ إلَى الْمَأْمُورِ قَبْلَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ الْآمِرُ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعْثَرْ عَلَى الْآمِرِ حَتَّى انْتَفَعَ الْآمِرُ بِالسَّلَفِ قَدْرَ مَا يَرَى أَنَّهُمَا كَانَا قَصَدَاهُ فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ لِلْمَأْمُورِ إجَارَتَهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ عُثِرَ عَلَى الْآمِرِ بَعْدَ الِابْتِيَاعِ وَقَبْلَ نَقْدِ الْمَأْمُورِ الثَّمَنَ لَكَانَ النَّقْدُ مِنْ الْآمِرِ، وَلَكَانَ فِيمَا يَكُونُ لِلْمَأْمُورِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: إجَارَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَالثَّانِي لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute