للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَاهِرًا وَبَاطِنًا:

ــ

[منح الجليل]

الْآخَرُ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَأَنَّهُ بَيْعٌ ثَانٍ لَا عِنْدَ غَيْرِهِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ حُكِمَ بِهِ أَنَّهُمَا إنْ تَرَاضَيَا عَلَى فَسْخِهِ بِلَا حُكْمٍ لَا يَنْفَسِخُ. وَقَالَ سَنَدٌ يَنْفَسِخُ وَكَأَنَّهُمَا تَقَايَلَا فَسْخًا (ظَاهِرًا) بَيْنَ النَّاسِ (وَبَاطِنًا) بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. وَلَوْ فِي حَقِّ الْمَظْلُومِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقَالَ سَنَدٌ يَنْفَسِخُ فِي حَقِّ الْمَظْلُومِ ظَاهِرًا فَقَطْ، فَلَوْ وَجَدَ بَيِّنَةً أَوْ أَقَرَّ لَهُ خَصْمُهُ بَعْدَ الْفَسْخِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهِ، وَثَمَرَتُهُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ أَمَةً وَالْبَائِعُ ظَالِمٌ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا عَلَى كَوْنِ الْفَسْخِ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَيَحِلُّ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُبْتَاعِ وَطْؤُهَا إذَا ظَفَرَ بِهَا وَأَمْكَنَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ رَعْيًا لِلْمَشْهُورِ أَنَّ الْفَسْخَ فِي حَقِّهِ بَاطِنًا حَتَّى عَلَى الضَّعِيفِ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَخْذِهِ ثَمَنِهِ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الظَّالِمِ إذَا فُسِخَ الْبَيْعُ أَنْ يَبِيعَهُ، وَإِنْ حَصَلَ فِيهِ فَوْتٌ فَلَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُهُ عَلَى الضَّعِيفِ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ.

فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ فِي الصُّلْحِ وَلَا يَحِلُّ لِلظَّالِمِ، وَقَوْلَهُ الْآتِيَ فِي الْقَضَاءِ. لَا أُحِلُّ حَرَامًا. أُجِيبَ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِفَسْخِ الْبَيْعِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَذِبِ الْكَاذِبِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ تَقَايُلِهِمَا، وَبِأَنَّهُمَا لَمَّا تَرَاضَيَا عَلَى الْحَلِفِ وَحَلَفَا فَكَأَنَّهُمَا تَقَايَلَا، وَبِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْفَسْخِ حُكْمٌ بِمَالٍ وَتَبِعَهُ الْوَطْءُ بِخِلَافِ مَا فِي الْقَضَاءِ، فَإِنَّهُ بِثُبُوتِ شَيْءٍ بِشَهَادَةِ زُورٍ لَوْ اطَّلَعَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ لَمْ يَحْكُمْ أَفَادَهُ عب.

الْبُنَانِيُّ ابْنُ الْحَاجِبِ يَنْفَسِخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عَلَى الْأَصَحِّ. فِي ضَيْح مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ ذَكَرَ سَنَدٌ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَرَجَّحَ الثَّانِيَ بِأَنَّ أَصْلَ الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُحِلُّ حَرَامًا. وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ الْقَوْلَيْنِ، وَزَادَ ثَالِثًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مَظْلُومًا فُسِخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِيَصِحَّ تَصَرُّفُهُ فِي الْمَبِيعِ بِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فُسِخَ ظَاهِرًا فَقَطْ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ، وَفِي الْمِعْيَارِ سُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ بَاعَ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ فَأَنْكَرَهُ الْمُشْتَرِي هَلْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فَأَجَابَ إذَا لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِشِرَائِهَا فَلْيُحَلِّفْهُ وَيَبْرَأُ وَيُعَدُّ هَذَا مِنْهُ كَتَسْلِيمِهَا لَهُ بِثَمَنِهَا، وَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا إنْ قَبِلَهَا وَإِلَّا فَلْيَبِعْهَا عَلَى هَذَا التَّسْلِيمِ، وَيُشْهِدُ عَدْلَيْنِ أَنَّهُ إنَّمَا بَاعَهَا عَلَيْهِ، وَيَقْبِضُ ثَمَنَهَا الَّذِي بَاعَ بِهِ أَوَّلًا وَيُوقَفُ مَا زَادَ عَلَيْهِ، فَمهمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>