للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ أَوْ تَأْخِيرُهُ ثَلَاثًا

ــ

[منح الجليل]

يَسْتَعْمِلُونَ لَفْظَةَ الْإِسْلَامِ فِي هَذَا الْبَابِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ.» وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ الْعَطَّارِ جَائِزٌ أَنْ يَقُولَ سَلَمَ وَأَسْلَمَ، وَفِي وَثَائِقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْبَاجِيَّ جَائِزٌ أَنْ يَقُولَ سَلَّمَ وَسَلَّفَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ أَسْلَمَ فُلَانٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ إنَّمَا الْإِسْلَامُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَالْمُرَادُ شُرُوطُ صِحَّةِ السَّلَمِ زِيَادَةً عَلَى شُرُوطِ صِحَّةِ الْبَيْعِ سَبْعَةٌ أَحَدُهَا. (قَبْضُ رَأْسِ) أَيْ ثَمَنٍ سُمِّيَ رَأْسًا لِأَنَّهُ أَصْلٌ مُوَصِّلٌ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ (الْمَالِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِتَمَوُّلِهِ، وَهَذَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ، ثُمَّ صَارَ الْمُرَكَّبُ الْإِضَافِيُّ كَالْعَلَمِ عَلَى الْعِوَضِ الْمُعَجَّلِ (كُلِّهِ) ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ أَعْلَمْ خِلَافًا فِي كَوْنِ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ عَزِيمَةً، وَأَنَّ الْأَصْلَ التَّعْجِيلُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ يُرَخِّصُ فِي تَأْخِيرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ يَطْلُبُ تَعْجِيلَ أَوَّلِ عِوَضَيْهِ وَشَرْطُهُ عَدَمُ طُولِ تَأْخِيرِهِ. ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ.

اللَّخْمِيُّ مِنْ شَرْطِهِ تَعْجِيلُ رَأْسِ مَالِهِ إنْ كَانَ مَضْمُونًا، وَلَا يَضُرُّ تَأْخِيرُ الْمُعَيَّنِ. وَاخْتُلِفَ إذَا اشْتَرَطَ تَأْخِيرَهُ الْمُدَّةَ الْيَسِيرَةَ كَالْيَوْمَيْنِ أَوْ يَسِيرِ رَأْسِ الْمَالِ الْمُدَّةَ الْبَعِيدَةَ هَلْ يَصِحُّ أَوْ يَفْسُدُ، فَأَجَازَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - تَأْخِيرَ جَمِيعِهِ بِشَرْطِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَحَكَى ابْنُ سَحْنُونٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْبَغْدَادِيِّينَ أَنَّهُ فَاسِدٌ. زَادَ الْمَازِرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ يَوْمَيْنِ لَا أَكْثَرَ. قُلْت وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَاجِيَّ الثَّلَاثَةَ فَاسْتَدْرَكَهَا عَلَيْهِ ابْنُ زَرْقُونٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا ذَكَرَاهُ مِنْ الْخِلَافِ مُنَافٍ لِنَقْلِ ابْنِ حَارِثٍ الِاتِّفَاقَ فِي الْيَوْمَيْنِ، وَعَزَا الصِّقِلِّيُّ وَغَيْرُهُ كَوْنَ الثَّلَاثَةِ كَالْيَوْمَيْنِ لِكِتَابِ الْخِيَارِ.

(أَوْ تَأْخِيرُهُ) أَيْ رَأْسِ الْمَالِ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ تَأْخِيرَهُ ثَلَاثَةً شَرْطٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَأُجِيبَ بِعَطْفِهِ عَلَى قَبْضٍ بِحَسَبِ مَعْنَاهُ أَيْ شَرْطُ السَّلَمِ كَوْنُ رَأْسِ مَالِهِ مَقْبُوضًا أَوْ فِي حُكْمِهِ، وَقَالَ أَوْ تَأْخِيرُهُ ثَلَاثًا لِبَيَانِ مَا فِي حُكْمِهِ، وَبِأَنَّ أَوْ بِمَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>