للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَازَ بِخِيَارٍ لِمَا يُؤَخَّرُ، إنْ لَمْ يُنْقَدْ

ــ

[منح الجليل]

أَقْبِضْ رَأْسَ الْمَالِ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ، أَوْ كُنَّا شَرَطْنَا ذَلِكَ فَاقْتَصَرَ أَبُو سَعِيدٍ عَلَى مَسْأَلَةِ الشَّرْطِ وَتَرَكَ الْأُخْرَى وَهِيَ يُسْتَفَادُ مِنْهَا أَنَّ تَأْخِيرَ رَأْسِ الْمَالِ بِلَا شَرْطِ الْأَمَدِ الطَّوِيلِ كَالشَّهْرِ يُفْسِدُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ الثَّالِثِ إنْ أَخَّرَ النَّقْدَ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ كَرِهْتُهُ، وَأَرَاهُ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَلَا يَجُوزُ هَذَا، وَهُوَ رَأْيُ الْحَطَّابِ. وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْفَسَادِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ قَوْلُهَا فِي السَّلَمِ الثَّالِثِ إنْ تَأَخَّرَ رَأْسُ الْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَا شَرْطٍ فَيَجُوزُ مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَلَا يَجُوزُ انْتَهَى، وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَكْثُرْ جِدًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْبُنَانِيُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ أَحَدُهُمَا: أَنَّ ظَاهِرَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِشَرْطٍ أَمْ لَا مَعَ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ بِلَا شَرْطٍ وَإِلَّا فَسَدَ اتِّفَاقًا. الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا إلَخْ الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ إذَا كَثُرَتْ جِدًّا لَا يُخْتَلَفُ فِي الْفَسَادِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْخِلَافُ فِي الزِّيَادَةِ بِلَا شَرْطٍ وَلَوْ كَثُرَتْ جِدًّا وَحَلَّ أَجَلُ السَّلَمِ. طفي فَإِنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ شَاسٍ أَطْلَقَا الْخِلَافَ فِيهَا، وَكَذَا ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، بَلْ صَرَّحُوا بِهِ فِيهَا وَمَا كَانَ مِنْهَا لِلْأَجَلِ اهـ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَأَمَّا الْفَسَادُ بِالزِّيَادَةِ مُطْلَقًا فَهُوَ مَا فِي سَلَمِهَا الثَّانِي، وَأَمَّا مُقَابِلُهُ فَهُوَ مَا فِي سَلَمِهَا الثَّالِثِ، لَكِنْ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَى الْجَوَازِ وَلَوْ حَلَّ الْأَجَلُ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ قَالَ الْبُنَانِيُّ الْأَمْرُ الثَّالِثُ: مِمَّا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ تَعْبِيرَهُ بِالتَّرَدُّدِ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ، وَلِذَا قَالَ الْحَطَّابُ الْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ سَحْنُونٍ فِي النَّقْلِ عَنْهُ، لَكِنَّ فِي قَوْلِهِ لِتَرَدُّدِ سَحْنُونٍ إلَخْ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ. الْأَمْرُ الرَّابِعُ: مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ لِتَصْرِيحِ ابْنِ بَشِيرٍ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ كَمَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَجَازَ) عَقْدُ السَّلَمِ (بِ) شَرْطِ (خِيَارٍ) فِي رَأْسِ مَالٍ أَوْ مُسْلَمٍ فِيهِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا (لِمَا) أَيْ زَمَنٍ (يُؤَخَّرُ) رَأْسُ الْمَالِ (إلَيْهِ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لَا أَكْثَرُ وَلَوْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>