. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ وَفِي أَوَائِلِ السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ التَّهْذِيبِ وَإِذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا أَوْ حَيَوَانًا بِعَيْنِهِ فَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ إلَى الْأَجَلِ، فَإِنْ كَانَ بِشَرْطٍ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ أَوْ كَانَ هُرُوبًا مِنْ أَحَدِهِمَا نَفَذَ الْبَيْعُ مَعَ كَرَاهَةِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ذَلِكَ التَّأْخِيرَ الْبَعِيدَ بِغَيْرِ شَرْطٍ لَهُمَا اهـ.
وَظَاهِرُ هَذَا كَرَاهَةُ تَأْخِيرِ الْحَيَوَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْهَا. وَفِي الْجَوَاهِرِ أَمَّا تَأْخِيرُهُ بِشَرْطِ زِيَادَةٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَمُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، وَأَمَّا بِغَيْرِ شَرْطٍ فَفِي الْفَسَادِ قَوْلَانِ فِي الْعَيْنِ خَاصَّةً، وَلَا يُفْسِدُ تَأْخِيرُ الْعَرْضِ لَكِنْ يُكْرَهُ. اهـ. فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ وَالْمُدَوَّنَةِ وَالْجَوَاهِرِ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ بِشَرْطٍ مُفْسِدَةٌ فِي الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ قَالَ يُحْتَمَلُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يُقَالَ قَصَدَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَالْعَيْنِ أَنَّهُمَا أَشْبَهَاهَا إنْ كِيلَ وَأُحْضِرَ فِي كَوْنِهِمَا يُغَابُ عَلَيْهِمَا، فَتَأْخِيرُهُمَا مَكْرُوهٌ لِقُرْبِهِمَا مِنْ الْعَيْنِ الْمَمْنُوعِ تَأْخِيرُهَا، فَإِنَّ الْمُشَبَّهَ لَا تَلْزَمُ مُسَاوَاتُهُ الْمُشَبَّهَ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ شَبَّهَهُمَا بِهَا فِي طَلَبِ التَّعْجِيلِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الطَّلَبُ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَشَى عَلَى قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ فَيَنْبَغِي حَمْلُ الْكَرَاهَةِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
طفي مَا فِي التَّوْضِيحِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَلَامُ أَبِي سَعِيدٍ مُحْتَمِلًا لِمَا قَالَهُ، فَفِي الْأُمِّ مَا يَدْفَعُهُ، وَنَصُّهَا عَلَى نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ إلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ فَقَدْ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَلَمْ يُعْجِبْهُ، وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْهُ فَسْخَهُ، وَأَرَاهُ نَافِذًا اهـ. وَحَمْلُ كَلَامِهَا عَلَى جَعْلِ عَدَمِ الْفَسْخِ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ بَعِيدٌ وَتَكَلُّفٌ بِلَا مُوجِبٍ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَى مَا قَالَ اهـ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ رَقِيقًا أَوْ حَيَوَانًا فَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ أَوْ إلَى الْأَجَلِ نَفَذَ بِلَا كَرَاهَةٍ. وَإِنْ كَانَ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ نَفَذَ مَعَ الْكَرَاهَةِ. وَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَتَأَخَّرَ كَثِيرًا أَوْ إلَى الْأَجَلِ فَسَدَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ فَأَشْبَهَ مَا فِي الذِّمَّةِ فَصَارَ دَيْنًا بِدَيْنٍ. بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ هَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ غَائِبًا، فَإِنْ حَضَرَ حِينَ الْعَقْدِ لَا يَنْبَغِي كَوْنُهُ كَالْعَبْدِ فِي عَدَمِ كَرَاهَةِ تَأْخِيرِهِ وَالطَّعَامُ أَثْقَلُ مِنْهُ إذْ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، وَالْعَيْنُ أَشَدُّ مِنْ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِعَيْنِهِ وَهِيَ لَا تُرَادُ لِعَيْنِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute