للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسُتْرَةٌ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ، إنْ خَشِيَا مُرُورًا: بِظَاهِرٍ ثَابِتٍ، غَيْرُ مُشْغِلٍ،

ــ

[منح الجليل]

وَهَذَا التَّفْصِيلُ لِلَّخْمِيِّ جَمَعَ بِهِ بَيْنَ قَوْلِ الزَّاهِيِّ بِالْبُطْلَانِ وَمُطَرِّفٍ بِعَدَمِهِ فِيمَنْ سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ ابْتِدَاءً وَلَمْ يَقْصِدْ تَحْلِيلًا وَلَا فَضِيلَةً، وَتَكَلَّمَ قَبْلَ سَلَامِهِ عَنْ يَمِينِهِ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا. وَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ اعْتِمَادُ تَفْصِيلِ اللَّخْمِيِّ. وَصَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ أَوَّلًا نَاوِيًا الْفَضِيلَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ سَلَامِهِ. وَلَوْ كَانَ نَوَى الْعَوْدَ لِلتَّحْلِيلِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطّ وَاخْتَارَهُ عج قَائِلًا الْقَوَاعِدُ تَقْتَضِيهِ.

(وَ) الرَّابِعَةَ عَشَرَ (سُتْرَةٌ) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ نَصَبَهَا أَمَامَهُ لِمَنْعِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِمُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الِاسْتِتَارِ بِالْعَنَزَةِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالنُّونِ وَالزَّايِ أَيْ الرُّمْحِ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي طَرَفِهِ حَرْبَةٌ وَغَيْرِهَا فِي السَّفَرِ. وَخَرَّجَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبَهَا مِنْ إثْمِ الْمُتَعَرِّضِ بِالْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقِيلَ مَنْدُوبَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ السُّنَّةُ وَسَطُهَا (الْإِمَام وَفَذّ) لَا الْمَأْمُومُ لِأَنَّ إمَامَهُ سُتْرَةٌ لَهُ أَوْ لِأَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لَهُ، الْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي لِعَبْدِ الْوَهَّابِ.

وَاخْتَلَفَ هَلْ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ فَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَوْ مَعْنَاهُمَا مُخْتَلِفٌ وَالْخِلَافُ حَقِيقِيٌّ وَكَلَامُ الْإِمَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعَلَيْهِ فَيُمْنَعُ الْمُرُورُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ مُرُورٌ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ الَّتِي لَمْ يُحِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ. وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَيَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ سَائِرِ الصُّفُوفِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لِلصَّفِّ الْأَوَّلِ حِسًّا وَحُكْمًا وَلِبَاقِي الصُّفُوفِ حُكْمًا لَا حِسًّا وَاَلَّذِي يَمْنَعُ الْمُرُورَ الْأَوَّلُ لَا الثَّانِي.

(إنْ خَشِيَا) أَيْ الْإِمَامُ وَالْفَذُّ وَلَوْ شَكًّا (مُرُورًا) بَيْنَ يَدَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يَخْشَيَا مُرُورًا فَلَا تُسَنُّ السُّتْرَةُ لَهُمَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَفِيهَا، وَيُصَلِّي فِي مَوْضِعٍ يَأْمَنُ فِيهِ مِنْ مُرُورِ شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ ابْنِ نَاجِي مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعُتْبِيَّةِ يُؤْمَرُ بِهَا مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَشَارَ لِصِفَتِهَا بِقَوْلِهِ (بِطَاهِرٍ) لَا نَجِسٍ (ثَابِتٍ) لَا نَحْوِ حَبْلٍ مُعَلَّقٍ بِسَقْفٍ غَيْرِ حَجَرٍ وَاحِدٍ (غَيْرُ مُشْغِلٍ) لِلْمُصَلِّي عَنْ الْخُشُوعِ الْمَطْلُوبِ فِي الصَّلَاةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>