للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُصَلٍّ تَعَرَّضَ

وَإِنْصَاتُ مُقْتَدٍ، وَلَوْ سَكَتَ إمَامُهُ

وَنُدِبَتْ إنْ أَسَرَّ كَرَفْعِ يَدَيْهِ مَعَ إحْرَامِهِ حِينَ شُرُوعِهِ

ــ

[منح الجليل]

(وَ) أَثِمَ مُصَلٍّ (تَعَرَّضَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا آخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ، أَيْ جَعَلَ نَفْسَهُ عُرْضَةً لِلْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ بِصَلَاتِهِ فِي مَحَلٍّ خَشِيَ الْمُرُورَ فِيهِ بَيْنَ يَدَيْهِ بِلَا سُتْرَةٍ وَيَحُثُّ فِيهِ بِأَنَّ الْمُرُورَ فِعْلُ الْمَارِّ فَكَيْفَ يَأْثَمُ الْمُصَلِّي بِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ وَاجِبًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ سَدُّ طَرِيقِ الْإِثْمِ فَتَرَكَهُ فَمِنْ هَذَا خَرَّجَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبَ الِاسْتِتَارِ وَبَحَثَ الْبُنَانِيُّ فِيهِ بِأَنَّ سَدَّ طَرِيقِ الْإِثْمِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاسْتِتَارِ لِحُصُولِهِ بِالْعُدُولِ إلَى مَوْضِعٍ لَا يَخْشَى الْمُرُورَ بِهِ، وَأَيْضًا لَوْ وَجَبَ لَأَثِمَ بِتَرْكِهِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مُرُورٌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَفْهُومُ تَعَرَّضَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَا يَأْثَمُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ يَأْثَمَانِ وَقَدْ لَا يَأْثَمَانِ وَقَدْ يَأْثَمُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ.

(وَ) الْخَامِسَةَ عَشَرَ (إنْصَاتٌ) أَيْ تَرْكُ قِرَاءَةِ شَخْصٍ (مُقْتَدٍ) فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ إنْ قَرَأَ إمَامُهُ بَلْ (وَلَوْ سَكَتَ إمَامُهُ) بَيْنَ تَكْبِيرٍ وَفَاتِحَةٍ أَوْ بَيْنَ فَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ أَوْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رُكُوعٍ أَوْ أَسَرَّ الْقِرَاءَةَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِعَارِضٍ أَوْ بَعُدَ فَتُكْرَهُ قِرَاءَتُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ.

وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْرَأُ إذَا سَكَتَ إمَامُهُ فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ. قَالَ سَنَدٌ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ إنْ سَكَتَ إمَامُهُ لَا يَقْرَأُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ يَجِبُ إنْصَاتُ الْمُقْتَدِي كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.

(وَنُدِبَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ قِرَاءَةُ مُقْتَدٍ (إنْ أَسَرَّ) إمَامُهُ الْقِرَاءَةَ بِمَحَلِّهِ لَا مُطْلَقًا وَلَوْ جَهَرَ الْإِمَامُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ شَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ (كَرَفْعِ) الْمُصَلِّي (يَدَيْهِ) إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ مَبْسُوطَتَيْنِ ظُهُورُهُمَا لِلسَّمَاءِ وَبُطُونُهُمَا لِلْأَرْضِ بِهَيْئَةِ رَاهِبٍ، قَالَهُ سَحْنُونٌ، وَرَجَّحَهُ عج. وَقَالَ عِيَاضٌ بُطُونُهُمَا لِلسَّمَاءِ وَظُهُورُهُمَا لِلْأَرْضِ بِهَيْئَةِ رَاغِبٍ. وَقَالَ زَرُّوقٌ الظَّاهِرُ جَعْلُهُمَا قَائِمَتَيْنِ أَصَابِعِهِمَا حَذْوَ أُذُنَيْهِ وَكَفَّاهُ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَبُطُونُهُمَا إلَى خَلْفِهِ وَظُهُورُهُمَا إلَى إمَامِهِ بِهَيْئَةِ النَّابِذِ. صَرَّحَ الْمَازِرِيُّ بِتَشْهِيرِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَرَجَّحَهَا اللَّقَانِيُّ.

(مَعَ إحْرَامِهِ) فَقَطْ لَا مَعَ هَوِيِّهِ لِلرُّكُوعِ وَلَا مَعَ رَفْعِهِ مِنْهُ وَلَا أَثَرَ قِيَامُهُ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَصِلَةُ رَفَعَ (حِينَ شُرُوعِهِ) فِي التَّكْبِيرِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَ فَرَاغِهِ فَيُكْرَهُ وَنُدِبَ كَشْفُهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>