للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا جَارِيَةً تَحِلُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ. وَرُدَّتْ، إلَّا أَنْ تَفُوتَ عِنْدَهُ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، فَالْقِيمَةُ كَفَاسِدِهِ

ــ

[منح الجليل]

وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى مَنْعِ قَرْضِهَا اسْتَثْنَاهَا فَقَالَ (إلَّا جَارِيَةً) أَيْ أَمَةً شُبِّهَتْ بِالسَّفِينَةِ فِي سُرْعَةِ الْجَرْي ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً (تَحِلُّ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا (لِلْمُسْتَقْرِضِ) فَلَا يَجُوزُ قَرْضُهَا لَهُ لِتَأْدِيَتِهِ لِإِعَارَةِ الْفَرْجِ لِأَنَّ لِلْمُقْتَرَضِ رَدَّ عَيْنِ الْقَرْضِ. وَمَفْهُومُ الصِّفَةِ جَوَازُ قَرْضِهَا لِمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ كَمَحْرَمِهَا وَامْرَأَةٍ وَصَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى، وَيَلْحَقُ بِهِ الصَّغِيرُ يَقْتَرِضُ لَهُ وَلِيُّهُ أَمَةً، وَيَجُوزُ لِلنِّسَاءِ اقْتِرَاضُ الْجَوَارِي قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ، وَمِنْ هُنَا مَسْأَلَةٌ ذَكَرَهَا ابْنُ يُونُسَ وَنَقَلَهَا أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهَا لَا بَأْسَ أَنْ تَأْمُرَهُ يَبْتَاعُ لَك عَبْدَ فُلَانٍ بِطَعَامِهِ هَذَا أَوْ بِثَوْبِهِ هَذَا وَذَلِكَ قَرْضٌ، عَلَيْك الْمِثْلُ لَهُمَا بَعْضُ شُيُوخِنَا أَوْ بِجَارِيَتِهِ هَذِهِ وَعَلَيْك مِثْلُهَا وَلَيْسَ فِيهِ عَارِيَّةٌ لِلْفَرْجِ لِأَنَّهَا لَا تَصِلُ لِيَدِ الْمُسْتَقْرِضِ. أَبُو الْحَسَنِ وَرُبَّمَا أُلْقِيَتْ بِأَنْ يُقَالَ أَيْنَ يَجُوزُ قَرْضُ الْجَارِيَةِ مِنْ غَيْرِ مَحْرَمِهَا فَيُقَالُ بِمِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ اهـ أَفَادَهُ الْحَطّ.

(وَ) إنْ أُقْرِضَتْ الْجَارِيَةُ لِمَنْ تَحِلُّ هِيَ لَهُ فُسِخَ قَرْضُهَا و (رُدَّتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْجَارِيَةُ لِمُقْرِضِهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ تَفُوتَ) الْجَارِيَةُ (بِمُفَوِّتِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ (الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي قُوَّتِهَا بِمُجَرَّدِ الْغَيْبَةِ عَلَيْهَا. ثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ بِشِبْهِ الْوَطْءِ فِيهَا. لِلصَّقَلِّيِّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْ الْمَعُونَةِ وَالْمَازِرِيِّ بِزِيَادَةٍ وَظَنَّ بِالْقَابِضِ، فَإِنْ فَاتَتْ بِذَلِكَ (فَالْقِيمَةُ) لِلْأَمَةِ تَلْزَمُ الْمُقْرِضَ عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ وَلَدِهَا مِنْهُ لِلْخِلَافِ فَكَأَنَّهُ وَطِئَ مَمْلُوكَتَهُ بِخِلَافِ وَلَدِ الْغَارَّةِ فَقِيمَتُهُ تَلْزَمُ الْمَغْرُورَ لِإِحْبَالِهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَأَتَى بِقَوْلِهِ (كَفَاسِدِهِ) أَيْ الْبَيْعِ وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ لِيُفِيدَ اعْتِبَارَهَا يَوْمَ الْقَبْضِ، وَأَنَّ الْقَرْضَ إذَا فَسَدَ يُرَدُّ إلَى فَاسِدِ أَصْلِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ لَا إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ الَّذِي تُرَدُّ فِيهِ الْعَيْنُ أَوْ الْمِثْلُ، وَلَعَلَّ وَجْهَ كَوْنِ الْبَيْعِ أَصْلًا لِلْقَرْضِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي دَفْعِ الْمَالِ فِي عِوَضِ الْمُكَايَسَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>