للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا بِيعَ وَقُضِيَا

ــ

[منح الجليل]

وَهُوَ كَذَلِكَ مِنْ بَابِ أَوْلَى. طفي اُنْظُرْ هَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةَ إذْ لَا مَعْنَى لِلْقَسْمِ عِنْدَ حُلُولِهِمَا، بَلْ يُبَاعُ وَيُقْضَى الدَّيْنَانِ وَهَكَذَا قَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ فِي حُلُولِهِمَا مَعًا، وَأَمَّا فِي حُلُولِ الْأَوَّلِ فَقَطْ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُقْسَمُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَيُبَاعُ وَيُعَجَّلُ لِلْأَوَّلِ حَقُّهُ، وَهَلْ يُعَجَّلُ لِلثَّانِي أَوْ يُطْبَعُ عَلَى الْبَاقِي وَيُرْهَنُ عِنْدَ الثَّانِي حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُهُ قَوْلَانِ، وَاقْتَصَرَ " ح " عَلَى كَلَامِهِ.

الرَّابِعُ: اسْتَشْكَلَ قَسْمَ الرَّهْنِ بِأَنَّ قَسْمَ الْأَوَّلِ قَدْ يَتَغَيَّرُ سُوقُهُ فَلَا يَفِي بِدَيْنِهِ، وَهُوَ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى رَهْنِ الْجَمِيعِ. وَجَوَابُ ابْنِ عَاشِرٍ بِأَنَّ الْفَضْلَةَ رُهِنَتْ بِرِضَا الْأَوَّلِ يُرَدُّ بِأَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَا الْأَوَّلِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُ الرَّهْنِ (بِيعَ) الرَّهْنُ (وَقُضِيَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الدَّيْنَانِ بِأَنْ يَقْضِيَ الْأَوَّلُ ثُمَّ الثَّانِي مِنْ الْبَاقِي لِأَنَّ الثَّانِيَ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ الْأَوَّلِ، وَبَعْدَ حُصُولِ الْمَالِ لِلرَّاهِنِ لَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِ دَيْنِ الْأَوَّلِ، كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ بَحْثٌ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَقُضِيَا بِأَنَّ فِيهِ فَضْلًا عَنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ فَلَا يُبَاعُ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُ الْأَوَّلِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِلَّا بِيعَ أَنَّهُ يُبَاعُ وَلَا يُوقَفُ، وَلَوْ أَتَى لِلْأَوَّلِ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ قَالَهُ تت.

الْبُنَانِيُّ يُبَاعُ وَلَا يُوقَفُ أَيْ يُبَاعُ وَيُعَجَّلُ لِلْأَوَّلِ دَيْنُهُ وَلَا يُوقَفُ، وَلَوْ أَتَى لِلْأَوَّلِ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَنَصُّهُ وَقَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنَّهُ يُبَاعُ الرَّهْنُ وَيُعْطَى الَّذِي لَمْ يَحِلَّ حَقُّهُ حَقَّهُ كُلَّهُ وَلَا يُوضَعُ إلَى أَنْ يَحِلَّ أَجَلُهُ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَأْتِ بِرَهْنٍ يُشْبِهُ الرَّهْنَ الْأَوَّلَ، ثُمَّ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُجْعَلُ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهَا حَقُّهُ بِاتِّفَاقٍ، وَلَا يَكُونُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ آخَرَ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بَيْعَ رَهْنِهِ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ بَيْعَ الرَّهْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ.

فَإِنْ قِيلَ إنْ حَلَّ أَجَلُ الثَّانِي أَوَّلًا وَلَمْ يُمْكِنْ قَسْمُهُ بِيعَ وَعُجِّلَ لِلْأَوَّلِ دَيْنُهُ، وَإِنْ حَلَّ أَجَلُ الْأَوَّلِ أَوَّلًا فَفِي تَعْجِيلِ حَقِّ الثَّانِي قَوْلَانِ فَمَا الْفَرْقُ؟ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الْأَوَّلِ بِالرَّهْنِ أَقْوَى مِنْ تَعَلُّقِ حَقِّ الثَّانِي، إذْ لَيْسَ لِلثَّانِي إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ الْأَوَّلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>