وَإِعْطَاءِ غَيْرِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ،
ــ
[منح الجليل]
الثَّالِثُ: إذَا وَكَّلَ الْمَدِينُ مَنْ يُوَفِّي دَيْنَهُ فِي غَيْبَتِهِ فَهَلْ لَهُ عَزْلُهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَاخْتَارَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ لَهُ عَزْلَهُ إلَى بَدَلٍ لَا مُطْلَقًا. وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا تَعَلَّقَ بِالْوَكَالَةِ حَقٌّ لِأَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ.
الرَّابِعُ: فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَحْرَى أَنَّ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْحَالِّ مَنْعَ مَدِينِهِ مِنْ سَفَرِهِ حَتَّى يَقْضِيَهُ دَيْنَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ.
الْخَامِسُ: مَفْهُومُ حَلَّ بِغَيْبَتِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَحِلُّ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ سَفَرِهِ وَلَا تَحْلِيفُهُ، وَفِي سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْفِرَارَ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ وَأَنَّهُ نَوَى الرُّجُوعَ عِنْدَ الْأَجَلِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ وَقَيَّدَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ، وَكَذَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَجَعَلَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ الْمَذْهَبَ وَنَصُّهُ وَلِذِي الدَّيْنِ مَنْعُ الْمِدْيَانِ مِنْ سَفَرٍ يَحِلُّ فِيهِ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُوَفِّيهِ لَا إنْ كَانَ لَا يَحِلُّ بَعْدَهُ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ فِرَارًا وَأَنَّ نِيَّتَهُ الْعَوْدُ لِقَضَائِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ. وَقِيلَ إنْ اُتُّهِمَ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَكَذَا اللَّخْمِيُّ وَنَصُّهُ وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ وَأَرَادَ السَّفَرَ قَبْلَ حُلُولِهِ فَلَا يُمْنَعُ إذَا بَقِيَ مِنْ أَجَلِهِ قَدْرُ سَيْرِهِ وَرُجُوعِهِ وَكَانَ لَا يُخْشَى لَدَدُهُ وَمُقَامُهُ، فَإِنْ خُشِيَ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ عُرِفَ بِاللَّدَدِ مُنِعَ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَلَهُ عَقَارٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ حَمِيلًا بِالْقَضَاءِ أَوْ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ، وَيَكُونُ النِّدَاءُ بِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ بِمِقْدَارِ مَا يُرَى أَنَّهُ يَكْمُلُ الْإِشْهَارَ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ، وَإِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ هَلْ أَرَادَ بِسَفَرِهِ تَغَيُّبًا أَمْ لَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا يُسَافِرُ فِرَارًا وَأَنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْ الْعَوْدَةِ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ وَتُرِكَ.
السَّادِسُ: هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَدِينِ الْمُوسِرِ وَأَمَّا الْمُعْسِرُ فَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ مَنْعُهُ صَرَّحَ بِهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ فِي بَابِ الْحَجِّ.
السَّابِعُ: سُئِلَ أَبُو إبْرَاهِيمَ عَمَّنْ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَزَعَمَ أَنَّ الْمَدِينَ أَرَادَ السَّفَرَ وَأَنْكَرَ الْمَدِينُ فَقَالَ إنْ قَامَ لِلطَّالِبِ شُبْهَةُ بَيِّنَةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَاطِعَةً حَلَفَ الْمَطْلُوبُ مَا أَرَادَ سَفَرًا، نَكَلَ كُلِّفَ حَمِيلًا ثِقَةً بِالْمَالِ.
(وَ) لَهُ مَنْعُهُ مِنْ (إعْطَاءِ غَيْرِهِ) أَيْ الْمَانِعُ مِنْ الْغُرَمَاءِ دَيْنُهُ (قَبْلَ) حُلُولِ (أَجَلِهِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute