وَفُلِّسَ حَضَرَ أَوْ غَابَ، إنْ لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ.
ــ
[منح الجليل]
(وَفُلِّسَ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً الْمَدِينُ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ سَوَاءٌ (حَضَرَ) الْمَدِينُ وَلَوْ حُكْمًا كَمَنْ غَابَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَيَكْتُبُ لَهُ وَيَبْحَثُ عَنْ حَالِهِ (أَوْ غَابَ) الْمَدِينُ عَلَى كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ ذَهَابًا، هَذَا ظَاهِرُ مُقَابَلَتِهِ بِحَضَرَ وَعَدَمِ تَفْصِيلِهِ فِي الْغَيْبَةِ بَيْنَ مُتَوَسِّطَةٍ وَبَعِيدَةٍ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَهِيَ الْمُنَاسَبَةُ لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّذِي يُفَلِّسُهُ الْحَاكِمُ وَلَوْ فِي دَيْنِ أَبٍ عَلَى ابْنِهِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِ عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ تَفْلِيسُهُ فِي مُعَامَلَةِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الْحَجْرِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ. تت ظَاهِرُ كَلَامِهِ وُجُوبُ تَفْلِيسِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ الْتَمَسَهُ الْغُرَمَاءُ، وَقَرَّرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِي بِالْجَوَازِ تَبَعًا لِصَاحِبِ التَّكْمِلَةِ. عب وَرُدَّ بِقَوْلِهِ وَفُلِّسَ إلَخْ قَوْلُ عَطَاءٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِيهِ هَتْكَ حُرْمَةِ الْمَدِينِ وَإِذْلَالَهُ. وَأَمَّا وُجُوبُهُ إذَا لَمْ يَتَوَصَّلْ الْغُرَمَاءُ لِدُيُونِهِمْ إلَّا بِهِ فَهُوَ لِأَمْرٍ عَارِضٍ لَا لِذَاتِهِ فَهُوَ مِنْ أَصْلِهِ جَائِزٌ، وَيَجِبُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوُصُولِ لِلْحَقِّ إلَّا بِهِ. وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ تَفْلِيسَ الْغَائِبِ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يُعْلَمْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ اللَّامِ (مَلَاؤُهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ مَمْدُودٌ أَيْ غِنَاءُ الْمَدِينِ حَالَ خُرُوجِهِ، فَإِنْ عُلِمَ فَلَا يُفَلَّسُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ اسْتِصْحَابًا لِلْحَالِ، إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ. وَقَالَ أَشْهَبُ يُفَلَّسُ.
(تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: تت ظَاهِرُ كَلَامِهِ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ تَوَسَّطَتْ أَوْ قَرُبَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَكْتُبُ إلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَلِذَا قَالَ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْبَعِيدُ الْغَيْبَةِ لَا يُعْلَمُ مَلَاؤُهُ بِفَلَسٍ، أَحْسَنَ مِنْهُ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ حَدُّ الْقَرِيبِ الْأَيَّامُ الْيَسِيرَةُ. قَالَ فِي الْبَيَانِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَخِلَافُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إنَّمَا هُوَ عِنْدِي فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى مَسِيرَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَأَمَّا مَا كَانَ عَلَى مَسِيرَةِ شَهْرٍ فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَفْلِيسِهِ وَإِنْ عُلِمَ مَلَاؤُهُ اهـ. الْحَطّ أَطْلَقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْغَيْبَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قَرِيبَةٌ حَدَّهَا ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَيَّامٍ يَسِيرَةٍ فَلَا يُفَلَّسُ بَلْ يَكْشِفُ عَنْ حَالِهِ. ابْنُ رُشْدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute