للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

مِنْوَالِهِمَا فَمَعْنَى قَوْلِهِ وَفُلِّسَ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ طَلَبِهِ دَيْنًا حَلَّ، وَتَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَأَبِي الْحَسَنِ الِاخْتِلَافُ فِي حَدِّ التَّفْلِيسِ أَنَّهُ مُجَرَّدُ التَّشَاوُرِ أَوْ الرَّفْعِ وَلَا يَحْتَاجُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ هَؤُلَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي التَّوْضِيحِ قَرَّرَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلَا يُنَافِي مَا قَالَاهُ مَا ذَكَرْنَا إذْ لَمْ يَجْعَلَا الْحَجْرَ وَالْمَنْعَ مَوْقُوفًا عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَيَدُلُّ لِمَا قُلْنَاهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي حَدِّ الْأَعَمِّ قِيَامُ ذِي دَيْنٍ إلَخْ، فَاقْتَصَرَ عَلَى مُجَرَّدِ الْقِيَامِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْمَنْعَ وَهُوَ صَوَابٌ، وَتَقَدَّمَ مُنَازَعَتُنَا لَهُ فِي جَعْلِهِ أَعَمَّ، وَفِي تَفْرِيعِ مَنْعِ التَّبَرُّعَاتِ فَقَطْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ فِي نَفْسِهِ صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ.

ثُمَّ إنَّ ابْنَ عَرَفَةَ لَمَّا عَرَّفَ الْأَخَصَّ بِمَا تَقَدَّمَ قَالَ يُمْنَعُ مَا يَمْنَعُ الْأَعَمَّ وَمُطْلَقُ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ.

وَقَالَ فِي الْأَعَمِّ يَمْنَعُ التَّبَرُّعَاتِ وَتَقَدَّمَ رَدُّنَا لَهُ، وَقَوْلُهُ إنَّ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ يَمْنَعُهُمَا الْأَخَصُّ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ يَمْنَعُهُ الْأَعَمُّ أَيْضًا عَلَى تَفْسِيرِهِ لَهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ بَيَّنَّا لَك الْحَقَّ الَّذِي لَا غُبَارَ عَلَيْهِ فَتَثَبَّتَ فِي هَذَا الْمَجَالِ فَإِنَّهُ مَزِلَّةُ أَفْكَارِ أَئِمَّةٍ فُضَلَاءَ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ أَقُولُ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ لَا شَكَّ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَعَجَزَ عَنْ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ تَفْلِيسٌ أَخَصُّ، وَشَرْطُهُ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ التَّفْلِيسُ الْأَعَمُّ، وَيَشْتَرِكَانِ فِي حُكْمٍ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ بِمُعَاوَضَةٍ، وَيَنْفَرِدُ الْأَخَصُّ بِحُلُولِ الْمُؤَجَّلِ وَقِسْمَةِ الْمَالِ وَالْحَبْسِ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ تَتَرَتَّبُ عَلَى مُجَرَّدِ الْقِيَامِ أَوْ التَّشَاوُرِ لَمْ يَحْتَاجُوا لِرَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ، وَلَمْ يَظْهَرْ قَوْلُهُمْ لَوْ مَكَّنَهُمْ فَقَسَّمُوا إلَخْ إذْ لَا يَحْتَاجُونَ لِتَمْكِينِهِ وَلَوْ كَانَ التَّفْلِيسُ مُجَرَّدَ الْقِيَامِ أَوْ التَّشَاوُرِ فِيهِ لَمْ يَظْهَرْ قَوْلُهُمْ شَرْطُ التَّفْلِيسِ طَلَبُ الْغُرَمَاءِ وَلَا قَوْلُهُمْ فُلِّسَ وَلَوْ غَابَ مَعَ أَنَّ أَمْرَ الْغَائِبِ لَا يَحْكُمُ فِيهِ إلَّا الْقُضَاةُ فَتَقْسِيمُ ابْنِ عَرَفَةَ التَّفْلِيسَ إلَى أَعَمَّ وَأَخَصَّ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَصَرَّحَ بِهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَتَقَدَّمَ نَصُّهُ، وَيَأْتِي أَيْضًا فِي شَرْحٍ وَلَوْ مَكَّنَهُمْ الْغَرِيمُ فَبَاعُوا إلَخْ، وَرَدُّهُ خَطَأٌ صَرِيحٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>