فَبَاعُوا وَاقْتَسَمُوا، ثُمَّ دَايَنَ غَيْرَهُمْ، فَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلَيْنِ كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ، إلَّا كَإِرْثٍ، وَصِلَةٍ وَجِنَايَةٍ
وَبِيعَ مَالُهُ بِحَضْرَتِهِ
ــ
[منح الجليل]
فَبَاعُوا) أَيْ الْغُرَمَاءُ مِنْ مَالِهِ مَا يَحْتَاجُ فِي قِسْمَتِهِ لِبَيْعِهِ بِلَا رَفْعٍ لِحَاكِمٍ (وَاقْتَسَمُوا) أَيْ الْغُرَمَاءُ مَالٌ مَدِينُهُمْ بِحَسَبِ دُيُونُهُمْ وَبَقِيَتْ لَهُمْ بَقَايَا مِنْ دُيُونِهِمْ (ثُمَّ دَايَنَ) الْغَرِيمُ بِابْتِيَاعٍ أَوْ اقْتِرَاضٍ (غَيْرَهُمْ) أَيْ الْمُقْتَسِمِينَ ثُمَّ فَلَّسَهُ غَيْرُهُمْ الَّذِينَ تَدَايَنَ مِنْهُمْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَأَرَادُوا قِسْمَةَ مَا بِيَدِهِ مِنْ مُعَامَلَتِهِمْ (فَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ) فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ شَيْءٌ بَعْدَ وَفَاءِ الْآخَرِينَ فَيَتَحَاصَّ فِيهِ الْأَوَّلُونَ، كَذَا فِي الْجَلَّابِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بَاعُوا وَاقْتَسَمُوا أَنَّهُمْ إنْ قَامُوا وَلَمْ يَجِدُوا مَعَهُ شَيْئًا فَتَرَكُوهُ لَمْ يَكُنْ تَفْلِيسًا، فَإِنْ دَايَنَ آخَرِينَ وَفَلَّسُوهُ دَخَلَ مَعَهُمْ الْأَوَّلُونَ فِيمَا يُوجَدُ بِيَدِهِ لِأَنَّ تَفْلِيسَهُمْ لَهُ بِلَا حَاكِمٍ (كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ) .
أَصْبَغُ سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي رَجُلٍ قَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَفَلَّسُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَأَخَذُوا مَالَهُ ثُمَّ دَايَنَهُ آخَرُونَ أَنَّ الْآخَرَ أَوْلَى بِمَا فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ تَفْلِيسِ السُّلْطَانِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَفْلِيسُهُمْ إيَّاهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَبَيْنُ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَنْ يَجِدُوا لَهُ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ أَوْ السِّقْطَ فِي الْحَانُوتِ الَّذِي يَكْشِفُ فِيهِ وَيُفَالِسُ فَيَأْخُذُونَ مَا وَجَدُوا وَيَقْتَسِمُونَهُ عَلَى تَفْلِيسِهِ وَالْيَأْسِ مِنْ مَالِهِ، فَهُوَ عِنْدِي تَفْلِيسٌ كَتَفْلِيسِ السُّلْطَانِ سَوَاءٌ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ التَّفْلِيسُ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ مَنْ فَلَّسَهُ عَلَى مَنْ عَامَلَهُ بَعْدَ تَفْلِيسَةٍ.
وَاسْتَثْنَى مِمَّا لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ مَعَ الْآخَرِينَ فَقَالَ (إلَّا) مَا مَلَكَهُ بِ (كَإِرْثٍ وَصِلَةٍ) أَيْ عَطِيَّةٍ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ (وَ) أَرْشِ (جِنَايَةٍ) عَلَى الْمُفْلِسِ أَوْ وَلِيِّهِ فَلِلْأَوَّلِينَ الدُّخُولُ فِيهِ إذَا فُلِّسَ لِلْآخَرَيْنِ.
(وَبِيعَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (مَالُهُ) أَيْ الْمُفْلِسِ إنْ خَالَفَ جِنْسَ دَيْنِهِ أَوْ صِفَتَهُ وَيُبَاعُ (بِحَضْرَتِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ ظَاهِرُهُ وُجُوبًا، وَمَالَ إلَيْهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْكَمَالِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي قَطْعِ حُجَّتِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ دُيُونِ الْقَائِمِينَ وَالْمَوْجُودِينَ وَالْأَعْذَارُ لِلْمُفْلِسِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ فِي دَيْنِ صَاحِبِهِ وَحَلَفَ كُلٌّ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute