وَالصَّبِيُّ لِبُلُوغِهِ
ــ
[منح الجليل]
مِنْ جُنُونِهِ فَيَزُولُ حَجْرُ الْجُنُونِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى فَكٍّ. ثُمَّ إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مُبَذِّرًا حُجِرَ عَلَيْهِ لِأَحَدِهِمَا وَإِلَّا فَلَا. فِي الذَّخِيرَةِ اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْحَجْرِ عَلَى مَنْ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ فَقِيلَ: لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ «لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ وَكَانَ يُخْدَعُ فِيهِ لِضَرْبَةٍ أَصَابَتْهُ فِي رَأْسِهِ: إذَا بِعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ» ، خَرَّجَهُ الشَّيْخَانِ. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يُحْجَرُ عَلَيْهِ صَوْنًا لِمَالِهِ كَالصَّبِيِّ. اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنَّهُ إنْ كَانَ يُخْدَعُ بِالْيَسِيرِ أَوْ الْكَثِيرِ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ بَعْدُ وَيَتَبَيَّنُ لَهُ الْغَبْنُ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَيُؤْمَرُ بِالِاشْتِرَاطِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَيُشْهِدُ حِينَ بَيْعِهِ فَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ الْحَجْرِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ ذَلِكَ وَيَكْثُرُ تَكَرُّرُهُ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْزَعُ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ إلَّا أَنْ لَا يَنْزَجِرَ عَنْ التَّجْرِ اهـ.
وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ: وَإِنْ كَانَ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ ذَلِكَ وَيَكْثُرُ نُزُولُ ذَلِكَ بِهِ أُمِرَ بِالْإِمْسَاكِ عَنْ التَّجْرِ وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْزَعُ الْمَالُ مِنْهُ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَفْعَلُ بَعْدَ الْحَجْرِ أَكْثَرَ مِنْ إمْسَاكِهِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَهُوَ أَوْلَى بِإِمْسَاكِهِ مَالَهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْزَجِرُ عَنْ التَّجْرِ اُنْتُزِعَ مِنْهُ. اهـ. وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ الْقَوْلَيْنِ وَقَوَّى الْقَوْلَ بِالْحَجْرِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِدُخُولِهِ فِي ضَابِطِ مَنْ يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْ لَا يَحْفَظُ الْمَالَ. فِي الذَّخِيرَةِ وَيَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ وَيُدْفَعُ لَهُ الْمَالُ إذَا عُلِمَ مِنْهُ دُرْبَةُ الْبَيْعِ وَمَعْرِفَةُ وُجُوهِ الْخَدِيعَةِ.
وَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ اسْتَحْسَنَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَدَمَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لِسُرْعَةِ زَوَالِ مَا بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ مِنْ الْحَطّ
(وَالصَّبِيُّ) الذَّكَرُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ، وَيَنْتَهِي الْحَجْرُ عَلَيْهِ (لِبُلُوغِهِ) الْمَازِرِيُّ الْبُلُوغُ قُوَّةٌ تَحْدُثُ لِلشَّخْصِ تَنْقُلُهُ مِنْ حَالِ الطُّفُولِيَّةِ إلَى حَالِ الرُّجُولِيَّةِ. عج الْأَحْسَنُ إلَى غَيْرِهَا لِيَشْمَلَ بُلُوغَ الْأُنْثَى، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأُنْثَى لَا تَتَّصِفُ بِالرُّجُولِيَّةِ، وَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَهَرَ عِنْدَ الْعَوَامّ، وَلِذَا قَالَ: الْأَحْسَنُ وَإِلَّا فَفِي الصِّحَاحِ الرَّجُلُ خِلَافُ الْمَرْأَةِ، وَيُقَالُ لَهَا رَجُلَةٌ، وَيُقَالُ كَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - رَجُلَةَ الرَّأْيِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَفِيهِ أَيْ الْخَبَرِ «أَنَّهُ لَعَنَ الْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ» ، أَيْ اللَّاتِي يَتَشَبَّهْنَ بِالرِّجَالِ فِي زِيِّهِنَّ وَهَيْئَتِهِنَّ، فَأَمَّا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute