للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُ إنْ رَشَدَ، وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ، أَوْ وَقَعَ الْمَوْقِعَ

ــ

[منح الجليل]

الْحَطّ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُمَيِّزِ الْمَحْجُورَ، صَغِيرًا كَانَ أَوْ بَالِغًا سَفِيهًا وَلَوْ صَرَّحَ بِهَذَا فَقَالَ: رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ مَحْجُورٍ لَكَانَ أَبَيْنَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللَّامَ لِلْإِبَاحَةِ وَأَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَالْإِمْضَاءَ، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ بِحَسَبِ مَا يَرَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ لَا بِحَسَبِ شَهْوَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ، فَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَتَصَرَّفُ الْوَلِيُّ إلَّا بِمَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: ٣٤] فَهُوَ مَعْزُولٌ بِظَاهِرِ النَّصِّ عَنْ غَيْرِ الْأَحْسَنِ اهـ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ لَهُ الْإِجَازَةَ وَالرَّدَّ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا هُمَا فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ بِعِوَضٍ. وَأَمَّا التَّبَرُّعَاتُ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ رَدُّهَا، فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ مِنْ الرِّجَالِ، وَالْمَحِيضَ مِنْ النِّسَاءِ لَا يَجُوزُ لَهُ فِي مَالِهِ مَعْرُوفٌ مِنْ هِبَةٍ وَلَا صَدَقَةٍ وَلَا عَطِيَّةٍ وَلَا عِتْقٍ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ فَإِنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى أَوْ فَعَلَ مَا يُشْبِهُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ مِمَّا يَخْرُجُ عَلَى عِوَضٍ وَلَا يَقْصِدُ فِيهِ إلَى مَعْرُوفٍ وُقِفَ عَلَى نَظَرِ وَلِيِّهِ، فَإِنْ رَآهُ سَدَادًا أَوْ غِبْطَةً أَجَازَهُ، وَإِنْ رَآهُ بِخِلَافِهِ رَدَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ قُدِّمَ لَهُ وَلِيٌّ يَنْظُرُ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ، وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ حَتَّى وَلِيَ أَمْرَهُ فَلَهُ إجَازَةُ ذَلِكَ أَوْرَدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ سَدَادًا إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى خِلَافِهِ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ نَمَاءٍ فِيمَا بَاعَهُ أَوْ نُقْصَانٍ فِيمَا ابْتَاعَهُ.

(وَ) إنْ تَصَرَّفَ الْمُمَيِّزُ فِي مَالِهِ بِمُعَاوَضَةٍ وَلَا وَلِيَّ لَهُ أَوْ لَهُ وَلِيٌّ وَلَمْ يَعْلَمْ تَصَرُّفَهُ قَبْلَ رُشْدِهِ فَ (لَهُ) أَيْ الْمُمَيِّزِ رَدُّ تَصَرُّفِ نَفْسِهِ (إنْ رَشَدَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ صَارَ رَشِيدًا مَالِكًا أَمْرَ نَفْسِهِ إنْ كَانَ تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ أَوْ بِيَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ، بَلْ وَلَوْ تَصَرَّفَ قَبْلَ بُلُوغِهِ بِيَمِينٍ (حَنِثَ) فِيهَا (بَعْدَ بُلُوغِهِ) رُشْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، سَوَاءٌ لَمْ يَقَعْ تَصَرُّفُهُ الْمَوْقِعَ (أَوْ وَقَعَ) تَصَرُّفُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ (الْمَوْقِعَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْقَافِ، أَيْ وَافَقَ وَنَظَرًا مِمَّا كَانَ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ أَنْ يَفْعَلَهُ هَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَنْقُضَهُ إنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى خِلَافِ ذَلِكَ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ نَمَاءٍ فِيمَا بَاعَهُ أَوْ نُقْصَانٍ فِيمَا ابْتَاعَهُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>