للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ كَالسَّفِيهِ

ــ

[منح الجليل]

عِنْدَنَا فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ جِنَايَةَ الصَّغِيرِ عَلَى الْمَالِ لَازِمَةٌ لِمَالِهِ وَذِمَّتِهِ. اهـ. قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ يُسَاوِي كَثِيرًا إلَخْ، هَذَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ، فَفِي التَّوْضِيحِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ أَوْدَعَ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا أَوْ أَقْرَضَهُ أَوْ بَاعَهُ فَأَتْلَفَهُ فَلَا يَضْمَنُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنَا لِأَنَّ صَاحِبَ السِّلْعَةِ سَلَّطَ عَلَيْهَا مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَلَوْ ضَمِنَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْحَجْرِ.

اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَصْرِفَا ذَلِكَ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْهُ، وَلَهُمَا مَالٌ فَيُرْجَعَ عَلَيْهِمَا بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَتْلَفَا أَوْ صَوَّنَا مِنْ مَالِهِمَا، فَإِنْ ذَهَبَ ذَلِكَ الْمَالُ ثُمَّ أَفَادَا غَيْرَهُ فَلَا رُجُوعَ عَلْيِهِمَا فِيهِ. اهـ. وَبِالرُّجُوعِ بِالْأَقَلِّ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَالْمَنْقُولُ فِيمَا يُتْلِفُهُ الْمَحْجُورُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إلَخْ، هَذِهِ الْأَقْوَالُ حَكَاهَا ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ. وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ فَالصَّغِيرُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ مِثْلُ الْمَجْنُونِ فِي الْمَالِ وَالدَّمِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْهَا وَهُوَ أَنَّ جِنَايَتَهُمَا عَلَى الْمَالِ فِي مَالِهِمَا وَعَلَى الدَّمِ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا إلَّا أَنْ تَكُونَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ، فَفِي مَالِهِمَا فَهُمَا كَالْمُمَيِّزِ فِي هَذَا كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ لِقَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ، زَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا التَّمْيِيزُ. اللَّقَانِيُّ هَذَا مُقْتَضَى مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْقِصَاصِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا قِصَاصَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ، بِخِلَافِ السُّكْرِ، وَعَمْدُهُمَا كَخَطَأٍ فَتَجِبُ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا إنْ بَلَغَتْ. الثُّلُثَ، وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ. اهـ. أَيْ إنْ لَمْ تَبْلُغْ الثُّلُثَ فَفِي مَالِ الْجَانِي أَوْ ذِمَّتِهِ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. اللَّقَانِيُّ فَظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْنُونِ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ فِي ضَيْح. الْمِسْنَاوِيُّ وَعَلَيْهِ فَالذِّمَّةُ ثَابِتَةٌ لِلْجَمِيعِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّمْيِيزُ فَضْلًا عَنْ التَّكْلِيفِ اهـ.

وَبِرُجْحَانِ هَذَا الْقَوْلِ يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَضَمِنَ مَا أَفْسَدَ إلَخْ يَشْمَلُ الْمُمَيِّزَ وَغَيْرَهُ وَالْمَجْنُونَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ، وَشَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَالَ (كَ) وَصِيَّةِ (السَّفِيهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>