وَلَيْسَ لَهُ هِبَةٌ لِلثَّوَابِ؛
ــ
[منح الجليل]
الْبُنَانِيُّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهَا " وَهِبَةُ الْوَصِيِّ شِقْصَ الْيَتِيمِ كَبَيْعِ رِيعِهِ ": لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا بِنَظَرٍ بِمَا نَصَّهُ عِيَاضٌ قَالَ بَعْضُهُمْ يَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ فِعْلَ الْأَبِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ، وَفِعْلَ الْوَصِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ النَّظَرِ، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الرِّبَاعِ خَاصَّةً، كَذَا قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ، قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ يُفَسِّرُهُ اهـ. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ هَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ابْنُ رُشْدٍ: بَيْعُ الْأَبِ عَقَارَ ابْنِهِ يُخَالِفُ بَيْعَ الْوَصِيِّ عَقَارَ يَتِيمِهِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ عَقَارَهُ إلَّا لِوُجُوهٍ مَعْلُومَةٍ حَصَرَهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدَهَا وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ هَلْ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ فِيهَا أَمْ لَا فَقِيلَ: يُصَدَّقُ فِيهَا وَلَا يَلْزَمُهُ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ عَلَيْهَا وَقِيلَ: لَا يُصَدَّقُ فِيهَا وَيَلْزَمُهُ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: لَا يُصَدَّقُ فِيهَا وَيَلْزَمُهُ إقَامَتُهَا عَلَيْهَا، وَأَمَّا الْأَبُ فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُ عَقَارِ ابْنِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ إذَا كَانَ بَيْعُهُ وَجْهَ النَّظَرِ مِنْ غَيْرِ حَصْرِ وُجُوهِهِ فِي ذَلِكَ بِعَدَدٍ، وَبَيْعُهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُفْلِسًا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ اهـ. وَبِهَذَا اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الثَّانِي " فَبَيَانُ السَّبَبِ " الْمُرَادُ بِهِ إثْبَاتُهُ بِبَيِّنَةٍ لَا مُجَرَّدُ ذِكْرِهِ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ أَبِي عُمَرَ أَنَّ مِثْلَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ، وَمِثْلَهُ لِلْجَزِيرِيِّ، وَهُوَ الْحَقُّ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْوَصِيِّ (هِبَةٌ) لِشَيْءٍ مِنْ مَالٍ مَحْجُورِهِ (لِلثَّوَابِ) أَيْ الْعِوَضِ الْمَالِيِّ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّهَا إذَا فَاتَتْ بِيَدِهِ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا، وَالْوَصِيُّ لَا يَبِيعُ بِهَا كَالْحَاكِمِ، بِخِلَافِ الْأَبِ. الْبُنَانِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْبَيْعُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، فَإِنْ كَانَ لَهَا فَلَهُ الْبَيْعُ بِهَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ، فَيُقَالُ: لِمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي صُورَةِ الْحَاجَةِ هِبَتُهُ لِلثَّوَابِ فَأَجَابَ الْمِسْنَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهَا إنَّمَا يُقْضَى فِيهَا بِالْقِيمَةِ بَعْدَ فَوَاتِهَا بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَقَبْلَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّهَا وَبَيْنَ دَفْعِ الْقِيمَةِ الَّتِي تَلْزَمُهُ بِفَوَاتِهَا وَهِيَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ فَوَاتِهَا، وَمِنْ الْجَائِزِ نَقْصُهَا يَوْمَ الْفَوَاتِ عَنْهَا يَوْمَ الْهِبَةِ فَلَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ لِاحْتِمَالِ تَأْدِيَتِهَا لِلنَّقْصِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِحَاجَةٍ بِهَا، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، فَإِنْ نَقَصَ فَلَا يَعُودُ نَقْصُهُ عَلَى الْمَحْجُورِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute