وَلِذِي دَيْنٍ: مَنْعُهُ مِنْهُ
وَإِنْ رُدَّ مُقَوَّمٌ بِعَيْبٍ، أَوْ اُسْتُحِقَّ، رُجِعَ بِقِيمَتِهِ
ــ
[منح الجليل]
أَبَدًا عَمَلًا بِالشَّرْطِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ سَحْنُونٌ، وَعَلَى هَذَا إنْ لَمْ يَرْتَحِلْ أَوْ ارْتَحَلَ ثُمَّ عَادَ وَكَانَ الدَّمُ ثَابِتًا فَلَهُمْ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ. أَوْ إنْ كَانَ لَمْ يَثْبُتْ فَهُمْ عَلَى حُجَّتِهِمْ.
(وَلِذِي) أَيْ صَاحِبِ (دَيْنٍ) مُحِيطٍ بِمَالٍ الْجَانِي عَمْدًا عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَالِحَ الْمُسْتَحِقَّ بِمَالِهِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (مَنْعُهُ) أَيْ الْجَانِي (مِنْهُ) أَيْ الصُّلْحِ عَنْ الْقِصَاصِ الْوَاجِبِ فِي نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ إذْ هُوَ إتْلَافٌ لِمَالِهِ فِيمَا لَمْ يُعَامِلْهُ عَلَيْهِ كَهِبَتِهِ وَعِتْقِهِ، وَلَيْسَ كَإِنْفَاقِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ عَامَلُوهُ عَلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ لِمَ قَدَّمَ حَقَّ الْغُرَمَاءِ عَلَى حَظِّ نَفْسِهِ وَأَعْضَائِهِ وَهُمْ مُؤَخَّرُونَ عَنْ الْقُوتِ الَّذِي يَحْفَظُ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ، فَجَوَابُهُ أَنَّهُ ظَلَمَ بِجِنَايَتِهِ فَلَا يَلْحَقُ ظُلْمُهُ غُرَمَاءَهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَظْلِمْ فِي الْقُوتِ مَعَ اضْطِرَارِهِ إلَيْهِ وَمُعَامَلَتُهُمْ عَلَيْهِ، قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ كَانَ غَيْرُ الدَّيْنِ غَيْرَ مُحِيطٍ بِمَالِ الْجَانِي فَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ مَنْعُهُ مِنْ الصُّلْحِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ بِمَا بَقِيَ وَلَوْ بِتَحْرِيكِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ التَّكَسُّبُ
(وَإِنْ) صَالَحَ بِمُقَوَّمٍ عَنْ جِنَايَةِ عَمْدٍ مُطْلَقًا أَوْ خَطَأٍ عَلَى إنْكَارِ وَ (رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ شَيْءٌ (مُقَوَّمٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ مُشَدَّدَةً كَعَبْدٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ مُصَالَحٍ بِهِ عَنْ جِنَايَةِ عَمْدٍ مُطْلَقًا أَوْ خَطَأٍ عَلَى إنْكَارِ وَصْلَةِ رَدٍّ (بِعَيْبٍ) ظَهَرَ فِيهِ بَعْدَ الصُّلْحِ (أَوْ اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ذَلِكَ الْمُقَوَّمُ الْمُعَيَّنُ الْمُصَالَحُ بِهِ أَوْ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ (رَجَعَ) رَادُّهُ بِعَيْبٍ أَوْ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ بِالْفَتْحِ عَلَى دَافِعِهِ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ الْمَرْدُودِ بِعَيْبٍ أَوْ الْمُسْتَحَقِّ مُعْتَبَرَةٌ يَوْمَ عَقْدِ الصُّلْحِ، نَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ سَلِيمًا صَحِيحًا لَا بِمَا صُولِحَ عَنْهُ، إذْ لَيْسَ لِجِنَايَةِ الْعَمْدِ دِيَةٌ وَلَا لِلْخِصَامِ فِي الْإِنْكَارِ قِيمَةٌ فَيَرْجِعُ بِهَا، وَأَمَّا الصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ فَفِي غَيْرِ الدَّمِ يَرْجِعُ فِي الْمُقِرِّ بِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ، وَيُعَوِّضُهُ إنْ فَاتَ. وَفِي الدَّمِ يَرْجِعُ لِلدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمُقَوَّمُ الْمُصَالَحُ بِهِ الْمَرْدُودُ بِعَيْبٍ أَوْ الْمُسْتَحَقُّ مَوْصُوفًا رَجَعَ بِمِثْلِهِ مُطْلَقًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute