عَمْدٍ وَخَطَأٍ، فَالشُّفْعَةُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَبِدِيَةِ الْمُوضِحَةِ، وَهَلْ كَذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَ الْجُرْحُ؟ تَأْوِيلَانِ.
ــ
[منح الجليل]
وَالْفَوْقِيَّةِ مُثَنَّى مُوضِحَةٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ، أَيْ جُرْحٌ أَظْهَرَ الْعَظْمَ بِإِزَالَةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ جِلْدٍ وَلَحْمٍ نَشَأَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ فِعْلٍ (عَمْدٍ وَ) الْأُخْرَى عَنْ فِعْلٍ (خَطَإٍ) وَأَرَادَ شَرِيكُ الْجَانِي أَخْذَ الشِّقْصِ الْمُصَالَحِ بِهِ بِالشُّفْعَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُوضِحَةَ الْعَمْدِ لَا دِيَةَ لَهَا إنَّمَا فِيهَا الْقِصَاصُ، أَوْ الْعَفْوُ كَسَائِرِ جِنَايَاتِ الْعَمْدِ، وَدِيَةُ مُوضِحَةِ الْخَطَإِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ النَّفْسِ.
(فَالشُّفْعَةُ) فِي الشِّقْصِ لِشَرِيكِ الْجَانِي (بِنِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَبِدِيَةِ الْمُوضِحَةِ) الْخَطَإِ، أَيْ يَدْفَعُ الشَّفِيعُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نِصْفَ قِيمَةِ الشِّقْصِ فِي مُقَابَلَةِ نِصْفِ الشِّقْصِ الْمُصَالَحِ بِهِ عَنْ مُوضِحَةِ الْعَمْدِ لِأَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا مَالٌ مُقَدَّرٌ، وَيَدْفَعُ لَهُ أَيْضًا دِيَةَ مُوضِحَةِ الْخَطَإِ وَهُوَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فِي مُقَابَلَةِ نِصْفِهِ الْمُصَالَحِ بِهِ عَنْ مُوضِحَةِ الْخَطَإِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ قَاعِدَتَهُ إذَا أَخَذَ الشِّقْصَ فِي مُقَابَلَةِ مَعْلُومٍ كَدِيَةِ الْخَطَإِ، وَمَجْهُولٍ كَجُرْحِ الْعَمْدِ أَنْ يُوَزَّعَ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ نِصْفٌ لِلْمَعْلُومِ وَنِصْفٌ لِلْمَجْهُولِ، وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الصُّلْحِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ، فَإِنْ كَانَ عَلَى إنْكَارٍ فَالشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ جَمِيعِ الشِّقْصِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَهَلْ كَذَلِكَ) أَيْ الْمُصَالَحُ بِهِ عَنْ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ مُتَّفِقَيْنِ كَمُوضِحَتَيْنِ فِي قِسْمَةِ نِصْفَيْنِ بَيْنَهُمَا (إنْ اخْتَلَفَ الْجُرْحُ) كَقَتْلِ نَفْسٍ خَطَأً وَقَطْعِ يَدٍ عَمْدًا أَوْ عَكْسِهِ صَالَحَ عَنْهُمَا بِشِقْصٍ مِنْ مُشْتَرَكٍ وَأَرَادَ الشَّرِيكُ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (أَوْ) إنْ اخْتَلَفَ الْجُرْحُ يُقَسَّمُ الشِّقْصُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ دَيْنَيْهِمَا فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ ثُلُثَهُ الْمُصَالَحَ بِهِ عَنْ دِيَةِ الْيَدِ، وَثُلُثَيْ قِيمَةِ الشِّقْصِ الْمُصَالَحَ بِهِمَا عَنْ دِيَةِ النَّفْسِ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ لِأَنَّ دِيَةَ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ خَطَأً خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَدِيَةَ النَّفْسِ لَوْ كَانَتْ خَطَأً أَلْفُ دِينَارٍ وَمَجْمُوعُهُمَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ نِسْبَةُ الْأَلْفِ لَهُ ثُلُثَانِ وَالْخَمْسُمِائَةِ ثُلُثٌ، وَعَلَى هَذَا قِسْ صُورَةَ الْأَصْلِ فَيَأْخُذُ بِدِيَةِ النَّفْسِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَبِثُلُثِ دِيَةِ الشِّقْصِ، وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْقُرَوِيِّينَ (تَأْوِيلَانِ) وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute