. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
الْمُحَالِ دَيْنَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ بِمِثْلِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ. وَاخْتَلَفَ الشَّارِحَانِ هَلْ لَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِلَفْظِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ لَا تَكُونُ إلَّا بِالتَّصْرِيحِ بِلَفْظِهَا، أَوْ مَا يَنُوبُ مَنَابَهُ كَخُذْ مِنْهُ حَقَّك وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِك وَشَبَهُهُ وَعَلَى هَذَا أَدْرَجَ الشَّارِحُ، أَوْ يُشْتَرَطُ وَعَلَيْهِ مَشَى الْبِسَاطِيُّ، فَقَالَ لَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ عَقْدُهَا بِلَفْظِهَا وَوَقَعَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ إنَّمَا الْحَوَالَةُ أَنْ يَقُولَ أَحَلْتُك بِحَقِّك عَلَى فُلَانٍ وَأَبْرَأَ مِنْهُ بَعْدَمَا قَالَ فِيمَنْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ رَجُلٍ، كَذَا وَأَمَرَ الْآخَرَ بِالدَّفْعِ لَيْسَ بِحَوَالَةٍ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَوْ قَالَ خُذْ مِنْ هَذَا حَقَّك وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِك بِحَوَالَةٍ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ تت.
طفي الشَّارِحُ وَالْبِسَاطِيُّ قَرَارُهُ عَلَى أَنَّ شَرْطَهَا كَوْنُهَا بِلَفْظِهَا، لَكِنْ لَمَّا أَتَى الشَّارِحُ بِكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ دَلَّ عَلَى عَدَمِ شَرْطِ لَفْظِهَا فَصَحَّ نِسْبَتُهُ لَهُ، وَقَدْ قَالَ " ح " اُنْظُرْ هَلْ مُرَادُهُ بِصِيغَتِهَا أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظِهَا، وَعَلَيْهِ حَمَلَ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ لَكِنَّهُ أَتَى بَعْدَهُ بِكَلَامِ الْبَيَانِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ أَوْ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْمُحَالِ دَيْنَهُ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبَيَانِ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الْحَوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ. قَالَ يَحْيَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ طَلَبَ رَجُلًا بِحَقٍّ فَذَهَبَ بِهِ إلَى غَرِيمِهِ، وَقَالَ لَهُ خُذْ حَقَّك مِنْ هَذَا وَأَمَرَهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَتَقَاضَاهُ فَقَضَاهُ بَعْضَ حَقِّهِ أَوْ لَمْ يَقْضِهِ شَيْئًا مِنْهُ فَأَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَوَّلِ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ أَوْ بِجَمِيعِهِ، فَذَلِكَ لَهُ، وَلَيْسَ هَذَا بِوَجْهِ الْحَوَالَةِ اللَّازِمَةِ لِمَنْ احْتَالَ بِحَقِّهِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَمْ أَحْتَلْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا أَرَدْت أَنْ أَكْفِيَك التَّقَاضِي، وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَوَالَةِ اللَّازِمُ أَنْ يَقُولَ أُحِيلُك عَلَى هَذَا بِحَقِّك وَأَبْرَأُ بِذَلِكَ مِمَّا تَطْلُبُنِي وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِحَقِّهِ.
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بَيْعٌ يُنْقَلُ بِهَا الدَّيْنُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِيَقِينٍ، وَهُوَ التَّصْرِيحُ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ أَوْ مَا يَنُوبُ مَنَابَهُ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَهُ خُذْ مِنْ هَذَا حَقَّك وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِك وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَاسْتَظْهَرَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute