إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُحِيلُ بِإِفْلَاسِهِ فَقَطْ
ــ
[منح الجليل]
لِعَدَمِ ثُبُوتِ دَيْنٍ عَلَيْهِ، وَالْأَوْلَى إبْدَالُ وَاوِ وَيَتَحَوَّلُ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُحِيلُ بِإِفْلَاسِهِ) أَيْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُحَالِ فَيَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ لِأَنَّهُ غَرَّهُ فِيهَا وَإِذَا أَحَالَك غَرِيمُك عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَرَضِيت بِاتِّبَاعِهِ فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي غَيْبَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ عُدْمِهِ.
أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُحَالُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ إنْ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ جَحَدَ أَوْ مَاتَ فَلَهُ شَرْطُهُ، وَهَذَا قَوْلُ الْمُغِيرَةِ ابْنِ نَاجِي، وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا صَحِيحٌ لَمْ أَعْرِفْ فِيهِ خِلَافًا. وَفِي التَّوْضِيحِ مَسْأَلَةُ الْفَلَسِ صَحِيحَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَيَّدَهَا الْمُغِيرَةُ فَقَالَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُحَالُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ إذَا أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَلَهُ شَرْطُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ حُدُوثُ فَلَسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَغْوٌ لَا يُوجِبُ نَقْضَهَا، وَسَمِعَ سَحْنُونٌ الْمُغِيرَةَ إنْ شَرَطَ الْمُحَالُ إنْ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ فَلَهُ شَرْطُهُ، وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا صَحِيحٌ لَمْ أَعْرِفْ فِيهِ خِلَافًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِعَقْدِ الْحَوَالَةِ، وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ فِي الشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ لِلْعَقْدِ أَنَّهُ يُفْسِدُهُ، وَفِي بَعْضِهَا يَسْقُطُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْعَقْدُ كَالْبَيْعِ عَلَى أَنْ لَا جَائِحَةَ.
ابْنُ سَلْمُونٍ إنْ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِحَالَةِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الْمُحَالُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْحَوَالَةُ، فَإِنْ انْعَقَدَ فِي الْوَثِيقَةِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْمُحَالِ بِمُلَاءِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَمَوْضِعِهِ مِنْ الْمَالِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِوَجْهٍ وَإِنْ كَانَ إفْلَاسُهُ بَعْدَ الْإِحَالَةِ فَلَا كَلَامَ لِلْمُحَالِ. الْحَطّ إذَا عَلِمَا جَمِيعًا بِفَلَسِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَحْرَى إذَا عَلِمَهُ الْمُحَالُ وَحْدَهُ، فَإِنْ جَهِلَا فَلَسَهُ جَمِيعًا فَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِيهِ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ الَّذِي نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَالْمُوَضِّحُ وَغَيْرُهُمَا، بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِيهِ.
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتَرَضَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّ فَلَسَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عَيْبًا فَلَهُ الرُّجُوعُ، عَلِمَ الْمُحِيلُ بِهِ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْبًا فَلَا رُجُوعَ لَهُ مُطْلَقًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute